البحر : كامل تام
( هَلْ لِلأَمَاني عَنْ جَنَابِكَ مَدْفَعُ ** أَمْ هَلْ لَهَا مِنْ دُونِ بَابِكَ مَشْرَعُ )
( لكَ في العلاءِ محجةٌ لاَ يهتدي ** فِيهَا اُلمُلُوكُ وَحُجَّةٌ لاَ تُدْفَعُ )
( رَكِبُوا بُنَيَّاتِ الطَّرِيِقِ فَضَلَّ سَا ** لكها وَمنهجكَ الطريقُ المهيعُ )
( وَرَعَيْتَ حَقَّ اُلقَاصِدِينَ وَمَا رَعَوْا ** وَوَعَيْتَ قَوْلَ المَادِحِينَ وَلَمْ يَعُوا )
( فرجاؤهمْ إلاّ لفضلكَ كاذبٌ ** وَمناخهمْ إلاَّ بظلكَ جعجعُ )
( فَ فْخَرْ فَإِنَّكَ وَاحِدٌ مِنْ مَعْشَرٍ ** بِهِمُ تُذَادُ اُلنَّائِبَاتُ وَتُدْفَعُ )
( فرعوا هضابَ العزَّ وَهيَ منيعةٌ ** فرعوا رياضَ الفخرِ وَهوَ ممنعُ )
( قومٌ إذا راموا ممالكَ غيرهمْ ** حصدوا ببيضِ الهندِ مالمْ يزرعوا )
( وَرَأَى اُلمُعايِنُ مِنْكَ ما يُرْبِي عَلَى ** أخبارِ مجدٍ عنْ سواكمْ توضعُ )
( معَ أنكمْ ماعزَّ منكمْ واحدٌ ** إلاَّ وَتاليهِ أعزُّ وَأمنعُ )
( لَوْ أَنّ يَرْبُوعاً رَأَتْكَ بَمأْزقٍ ** عَلِمَتْ بِأَنَّكَ مِنْ عُتَيْبَةَ أَشْجَعُ )
( أَبَتِ اُلظُّلاَمَةَ هَمَّةٌ كَعْبِيَّةٌ ** نامَ الأنامُ وَربها لاَ يهجعُ )
( وَعَزَائِمٌ مِثْلُ اُلسُّيُوفِ وَطالَما ** قَطَعَتْ غَدَاةَ اُلرَّوْعِ مالا يُقْطعُ )
( وَصوارمٌ ذلقٌ سواءٌ عندها ** يومَ الكريهةِ حاسرٌ وَمقنعُ )
( وَقناً تروعُ مراكزها العدى ** رهباً فماذا ظنهمْ إذْ تشرعُ )
( لَزِمُوا اُلمَنازِلَ وَأكْتَفَوْا بِقَعاقِعٍ ** مسموعةٍ لكنها لاَ تنجعُ )
( مَنْ بِالسِّنانِ يَصُولُ مُنْذُ فِطامِهِ ** لَمْ يَخْشَ آخَرَ بِالشِّنانِ يُقَعْقِعُ )
( لَمّا تَرَكْتَ ظِلاَلَ قَصْرِكَ ناهِضاً ** أضحى يظلكَ القنا المتزعزعُ )
( وَغمامةٌ لمْ تحوِ غيثاً يرتجى ** وَتُظِلُّ غَيْثَ غَمامَةٍ لاَ تُقْلِعُ )
( خَضْراءُ حَمْرَاءُ اُلأَسافِلِ تارَةً ** تَبْدُو وَطَوْراً بِاُلعَجاجِ تَلَفَّعُ )
( وَتَخالُها تَسْعى بِقائِمَةٍ وَإنْ ** سارتْ بحاملها قوائمُ أربعُ )
( أَبَداً تَضِيقُ إذَا اُلسَّماءُ تَغَيَّمَتْ ** وَتعودُ إنْ ظهرتْ ذكاءُ توسعُ )
( فكأنها إبانَ تنشرُ هالةٌ ** لكِنَّها عَنْ بَدْرِها تَتَرَفَّعُ )
( قدتَ الجحافلَ لمْ يقدْ معشارها ** كِسرى اُلمُلُوكِ وَلاَ رَآها تُبَّعُ )
( لوْ أبصرتْ فهرٌ فريقاً منهمُ ** ما قِيلَ لِلْفِهْرِيِّ أَنْتَ مُجَمِّعُ )
( وَعصائباً ملؤا الفراتَ سفائناً ** لما نبا بهمُ الفضاءُ الأوسعُ )
( فِي حَيْثُ لاَ تَسَعُ اُلفَيافِي جَمْعَهُمْ ** إلاَّ كما يسعُ الإناءُ المترعُ )
( طُوفَانُ عَزْمٍ لاَ يَشُقُّ عُبَابَهُ ** فلكٌ وَلاَ الجوديُّ منهُ يمنعُ )
( مَاعَايَنَتْ صِفِّينُ عِنْدَ تَقَارُعِ الصَّفَ ** ينِ جيشاً جامعاً ما تجمعُ )
( خِلْطَيْنِ مِنْ عَرَبٍ وَعُجْمٍ طَالَمَا ** نُدِبُوا لِصَرْفِ اُلنَّائِبَاتِ فَأَسْرَعُوا )
( فرقٌ تخالفُ ألسناً وَعناصراً ** لكِنْ تَشَابَهَ مَاأنْتَضَوْا وَتَدَرَّعُوا )
( لَيْسُوا إِذَا شُبَّتْ وَغىً كَجَمائِعٍ ** بِخِلاَفِهِمْ عُصِيَ اُلبَطِينُ اُلأَنْزَعُ )
( تبعوا رضاكَ فسرتَ فيهمْ آمناً ** منْ حيلةٍ فيها المصاحفُ ترفعُ )
( حَكَمَاكَ لَدْنٌ ذَابِلٌ وَمُهَنَّدٌ ** مَافِيهِمَا إِنْ حُكِّمَا مَنْ يُخْدَعُ )
( ما إنْ رأى منْ حلَّ رحبةَ مالكٍ ** شمساً سواكَ منَ المغاربِ تطلعُ )
( كلاَّ وَلاَ نظروا جيواً قبلها ** فِي ضِمْنِهَا عَضَدَ اُللِّثَامَ اُلبُرْقُعُ )
( وَلِذَاكَ مَا ظَنُّوا نُفُوسَهُمُ لَهُمْ ** إلاَّ وَأنْتَ عَلَى التَّرَحُّلِ مُزْمِعُ )
( عَمْرِي لَقَدْ أَوْدَعْتَها أَجْسَامَهُمْ ** وَعليهمُ أنْ يحفظوا ما أودعوا )
( وَلَقَدْ تَضَمَّنَها لَكَ اُلعَزْمُ اُلَّذِي ** لوْ كانَ شخصاً لمْ يسعهُ موضعُ )
( فَرَحَلْتَ عَنْها عَنْ يقَيِنٍ أَنَّها ** مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ أَهْلَها لاَ تَنْفَعُ )
( وَتَرَكْتَها ضَنَّ بِها عَنْ أَنْ تُرى ** وَمِنَ البِلى فِيها خَطِيبٌ مِصْقَعُ )
( ذُدْتَ اُلحَمِيَّةَ بِاٌ لتَّقِيَّةِ رَاغِباً ** في الأجرِ تغربُ في الجميلِ وَتبدعُ )
( طاعَ اُلزَّمانُ لِصالِحٍ فَ بْتَزَّها ** بِيَدِ اُلخُطُوبِ وَإِنَّها لَكَ أَطْوَعُ )
( وَبِحُكْمِ جَدِّكَ سِرْتَ فِيهِمْ إِذْ بَغى ** إِحْرَازَها مِنْ قَبْلُ وَهْيَ تَمَنَّعُ )
( كَفَّ اُلصَّوَارِمِ وَأسْتَنابَ نَوَائبِاً ** فِي اُلْقَوْمِ وَاحِدَةٌ بِأَخْرى تَشْفَعُ )
( فمضتْ ثلاثٌ منْ سنينَ أبتْ لهمْ ** أَنْ يَزْرَعُوا وَنَهَتْهُمُ أَنْ يَهجَعُوا )
( حتى أنابوا وَالنفوسُ سليمةٌ ** وقيادٌ منْ منعَ المقادةَ طيعُ )
( وَلذا قصدتَ فلاَ برحتَ موفقاً ** فيما تجودُ بهِ وَفيما تمنعُ )
( فرقتَ جمعاً لوْ رميتَ ببعضهِ ** أَرْكانَ رَضْوى لآنْبَرَتْ تَتَضَعْضَعُ )
( وَحَوَيْتَ صِرْفَ اُلمَأْثُرَاتِ مُغادِراً ** أكدارها بينَ الورى تتوزعُ )
( فالظِّلُّ ضافٍ وَاُلْهبِاتُ جَزِيلَةٌ ** وَالوردُ صافٍ وَالعطاءُ تبرعُ )
( وَخصصتَ في زمنِ بجنةٍ ** حَسُنَ اُلْمَصِيفُ بِها وَطابَ اُلْمَرْبَعُ )
( دارٌ بها اكتستِ البسيطةُ زينةً ** وَيزينها منكَ الهمامُ الأروعُ )
( ما زالَ مبصرها يعودُ بخاطرٍ ** يَشْكُو اُلْكَلاَلَ وَناظِرٍ لاَ يَشْبَعُ )
( وَتَرى طُيُورَ اُلْجَوِّ فِي جَنَباتِها ** بعضٌ محلقةٌ وَبعضٌ وقعُ )
( وَسوابقاً ليستْ تفارقُ أرضها ** وَزَرَافَتانِ أُقِيمتَا كِلْتاهُما )
( بِاُلْمُصْلتِيِنَ صَوَاعِقاً لاَ تَعْتَدِي ** وَالَّلابِسِينَ يَلاَمِقاً لاَ تُنْزَعُ )
( رَهْطٌ نَضَوْا بِيضَ اُلسُّيُوفِ وَآخَرٌ ** قَدْ جَرَّ قَوْساً لَيْسَ فِيها مَنْزِعُ )
( وَسِهامُهُ لاَ تَسْتَطِيعُ فِرَاقَها ** وَحبِالُهُ أَبَداً لِطَيْرِ مَصْرَعُ )
( وَالأيمُ يؤخذُ وَالحروبُ لدودةٌ ** طولَ الزمانِ وَما أراهُ يجزعُ )
( وَمِنَ الُصُّيُودِ محَلَّلٌ وَمُحَرَّمٌ ** وَلحومها حرمٌ فما تتبضعُ )
( بالجانبِ الغربيَّ فيها نخلةٌ ** ناءٍ جَناها وَهْوَ آنٍ مُونِعُ )
( وَتروقُ عينكَ دوحةٌ منْ غربها ** فِيها جَنًى يَحْمِيهِ ظلٌّ مُسْبِعُ )
( ** رَانٍ إِلَيْكَ بِمُقْلَةٍ لاَ تَهْجَعُ )
( وَكأنَّ مصراً أتحفتْ حلباً بها ** مِنْ قَبْلُ إِذْ هِيَ لِلْمَحاسِنِ مَجْمَعُ )
( وَالفيلُ يقرعُ جلدهُ سواسهُ ** منْ كلَّ قطرٍ وَهوَ لاَ يتزعزعُ )
( وَظعائنٌ تخشى العيونَ وَتتقي ** نظرَ المريبِ فدهرها تتبرقعُ )
( أَبَداً يُقادُ بِها وَتَخْدِي عِيسُها ** وَخْداً حَثيِثاً لِلنَّوَاظِرِ يَخْدَعُ )
( هَلْ عاقَها ما عايَنَتْهُ فَلَمْ تَسِرْ ** أَمْ رَاقها هذَا الْجَنابُ اُلْمُمْرِعُ )
( وَاُلْبَحْرُ عَائِمَةٌ بِهِ حيِتَانُهُ ** وَمنَ الشباك لها سمامٌ منقعُ )
( طامٍ وَما يخشى على ركابهِ ** غرقٌ وَ مركبهُ مقيمٌ مقلعُ )
( وَابْنُ اُلْمُلَوَّحِ قَائِمٌ وَسَقامُهُ اُلْ ** بَادِي طَلِيعَةُ مَا تُجِنُّ اُلأَضْلُعُ )
( يَشْكُو إِلى لَيْلى اُلْغَرامَ إِشَارَةً ** شَكْوى لَعَمْرُكَ لَمْ تُعِنْهَا أَدْمُعُ )
( وَمواضعٌ فيها كعرضكَ وضحٌ ** ثَلْجِيَّةُ اُلأَلْوَانِ بَلْ هِيَ أَنْصَعُ )
( وَمنَ الرخامِ مقابلٌ وَمؤلفٌ ** وَمفوفٌ وَمضلعٌ وَمجزعُ )
( وَمِنَ النُّضَارِ بِهَا سَحَائِبُ جَمَّةٌ ** لَزِمَتْ أَمَا كِنَها فَما تَتَقَشَّعُ )
( سُحُبٌ جَوَامِدُ قَدْ أَظَلَّتْ عَارِضاً ** تحيى بصيبهِ البلادُ وَتمرعُ )
( كرمٌ أهانَ التبرَ حتى أنهُ ** مِنْ نَاطِقٍ أَوْ صَامِتٍ لاَ يُمْنَعُ )
( أطلعتَ منْ جدرانها وَسقوفها ** شمساً لها منْ كلَّ أفقٍ مطلعُ )
( تعلو ضياءَ الشمسِ عندَ شروقها ** وَيعمها الإظلامُ وَهيَ تشعشعُ )
( مَنْ حَلَّهَا وَهْناً تَوَهَّمَ لَيْلَها ** صبحاً وَصبغُ الليلِ فيها مشبعُ )
( وَبَدتْ بِأَعْلاَهَا رِيَاضٌ حَاكَهَا ** حسنُ اقتراحكَ لاَ الغيوثُ الهمعُ )
( رَوْضٌ عَلَى اُلأَفْوَاهِ يَعْسُرُ رَعْيُهُ ** لكنَّ للأبصارِ فيهِ مرتعُ ؟ )
( يا معجزَ الأملاكِ فيما يبتني ** مُعَجِّبَ اُلأَفْلاَكِ مَّمِا يَصْنَعُ )
( نظرُ الخليفةِ للملوكِ كساهمُ ** تاجاً بهِ تسمو وَطوراً تخضعُ )
( فَوْقَ اُلْمَفَارِقِ مِنْهُ سَيْفٌ حَدُّهُ ** ماضٍ وَتاجٌ بالثناءِ مرصعُ )
( ناقضتهمْ فوهبتَ ما ضنوا بهِ ** وَحَفِظْتَ غَيْرَ مُنَازَعٍ مَا ضَيَّعُوا )
( فبذلتَ في الأزماتِ ما لمْ يبذلوا ** وَمنعتَ بالعزماتِ ما لمْ يمنعوا )
( فَ نْجَحْ فَإِنَّكَ أَوْحَدُ الٌ زَّمَنِ الَّذي ** لمْ يفترقْ في أهلهِ ما تجمعُ )
( لاَ زِلْتَ تَكْسُو كُلَّ عِيدٍ قَادِمٍ ** حُسْناً وَمُلْكُكَ بِالْبَقَاءِ مُمَتَّعُ )
( أمنتني الحدثانَ حتى أنني ** لاَ واقعٌ أخشى وَلاَ متوقعُ )
( وَأَفَدْتَ مَالَمْ يَجْرِ فِي خَلَدِ اُلْمُنى ** يَوْماً ولَمْ يَطْمَحْ إِلَيْهِ مَطْمَعُ )
( وَوهبتَ لي قربى أنالتْ رفعةً ** وَالدهرُ ليسَ بخافضٍ منْ ترفعُ )
( وَعطيةً ما فازَ مروانٌ بها ** عندَ الرشيدِ وَلمْ ينلها أشجعُ )
( لكِنَّ عَبْدَكَ عَاثَ فِيها مُوقِناً ** أَن سَوْفَ يُرْزَقُ بَعْدَهَا أَوْ يُقْطَعُ )
( وَعَلى ارْتِيَاحِكَ مَا يُؤَمِّلُهُ وَإِنْ ** عزَّ الأخيرُ ففي المقدمِ مقنعُ )