You are Unregistered, please register or login to gain Full access
Recover Password: via Email | via Question
Thread Options  Search this Thread  
Post: #1
12-02-2020 08:16
ahmeddodo


Joined: 07-10-2014
Posts: 2,360
Country: Egypt
Male ahmeddodo is Offline now
شرح حديث شعب الإيمان

شرح حديث شعب الإيمان


المصدر:


الكـاتب : عبد المحسن بن عبد اللّه الزامل


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.


أمَّا بعدُ:


فقد ثبَتَ في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الإيمان بضعٌ وستون شُعْبة، والحياء شُعْبة من الإيمان))[1]، وعند مسلم: ((الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة، فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبة من الإيمان)) وعنده في رواية: ((الإيمان بضعٌ وسبعون شُعْبة))[2] بالجزم.


الشرح:


فهذا الحديث العظيم فيه بَيان خصال الإيمان، وأنَّها بضعٌ وسبعون أو بضع وستون شُعْبة، والبِضْع مِن الثلاث إلى التِّسع.


وهذه الشُّعَب جَمعت رأسَ الإيمان وأعلاه وهو التوحيد قول: (لا إله إلا الله)، وهذه الكلمة هي بابُ الإسلام إلى آخر خصال الإيمان وأدناها، وهو إماطة الأذى عن الطريق.


وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شُعْبة))، المراد بذلك أنَّ خصال الإيمان لا تخرج عن هذا العدد، وأنَّها متفاوتة، فتدخل فيها أعمال القلوب، وأعمال الجوارح، وأعمال اللسان، وعنها تتفرَّع شُعب أخرى من أعمال البَدَن، كالنفْع المتعدي من الصَّدَقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى -.


وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فأفضلها قول: لا إله إلا الله))، وفي لفظ آخرَ عند أحمد: ((أرفعها وأعلاها قول: لا إله إلا الله))[3]، وهي لا تكون أعلى الشُّعَب وأرفعها إلاَّ إذا أقرَّ بها بإخلاصٍ وصِدقٍ ويقين، قد اطمأنَّ قلبُه بها وأَنِستْ نفسُه إليها.


وهذه الكلمة هي كلمة التوحيد، وأعلى خصال الإيمان، بها عُلو الإيمان وأهله؛ ولهذا حينما يقَاتلُ الكفارَ لتكونَ كلمة الله هي العُليا يدْعو إلى الكلمة العليا وهي (لا إله إلا الله)، ولذا لا يكون مقاتلاً لأجْل أن تكونَ كلمة الله هي العليا؛ حتى يُخْلِص في قوله لهذه الكلمة.


فالمراد بـ(قول: لا إله إلا الله)؛ أي: القول المواطئ للقلب، وما أكثر مَن يتلفَّظ بها اليوم، لكنَّه لا يعمل بمقتضاها! والناس حيال هذه الكلمة متفاوتون؛ فمنهم مَن ينطق بها وهو زنديقٌ؛ كالمنافقين في عهْد النبي - صلى الله عليه وسلم -.


ومنهم مَن ينطق بها وهو صِدِّيقٌ، وهذا هو الذي جاءت الأخبار بالثناء على قائلها بأن يكون صادقًا ومُخلصًا في قوله بها.


ومنهم مَن ينطق بها وهو بَيْنَ بَيْنَ؛ أي: يقولها قولاً، لكنَّها لا تحجزه عن المعاصي، ولا تحمله على الصبر والرضا والشكر، ومقامات الإيمان العُليا؛ لأنَّ الكلمة وإنْ قالها بلسانه - وهي عُليا وفُضْلى - لكنَّه لم يعلو قلبُه بها، فلم تزكُ نفسُه، ولم يزكُ عملُه.


ولهذا؛ كلَّما عَلَتْ هذه الكلمة في القلب، عظمتْ مَحارم الله في نفسه؛ ولهذا جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قيل: يا رسول الله، مَن أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد ظننتُ يا أبا هريرة ألاَّ يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أولُ منك؛ لِمَا رأيتُ من حِرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة مَن قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه))[4]، وهذا هو المراد من قولها أنْ تكون بالإخلاص والصِّدْق؛ حتى يعمل ويؤدِّي الواجبات بيقينٍ، ويَجتنب المحارمَ بيقينٍ، فلا يجنِّبها عادة، والعبد يُؤجر في عمله كلِّه، حتى التروك إذا اجْتَنَبها بصدق ويقينٍ، وعَلِم بما له من الأجْر العظيم باجتنابها، فيستحضر ما في هذه المعاصي والذنوب من العقاب والعذاب، فيجتنبها إجلالاً لله - عز وجل - وإعظامًا لأمره بأدائه، ونَهْيه باجتنابه.


ولَمَّا كان القوم تختلف مقاماتُهم في هذه الكلمة، وأنَّ أفضلَهم مَن قالَها بصدقٍ ويقينٍ، كانتْ أعمالهم تختلف بحسبها في قلوبهم، ولهذا يصلِّي الشخصان، ويصوم المكلفان، ويحجان ويتصدَّقان، وهكذا في سائر أعمال البرِّ، فتجد أحدهم عمله كله في الدرجات العُلى، والآخر في أدنَى الدرجات، ورُبَّما كان جُهد الأول وسَعيه أقلَّ من الآخر، لكنَّه عملٌ بيقينٍ وصِدق؛ خوفًا من الله، ورجاءَ ما عنده - سبحانه وتعالى - وأما الآخر، فليس عنده ذلك التصديق واليقين الذي عند الأول، فكان بين عمليهما كما بين السماء والأرض.


وهذه الشعبة العظيمة تمحقُ الكفر وتُزيله وتحرقه، فضدُّ هذه الشُّعْبة الكفر بالله - عز وجل - فكما أنَّ الإيمان شُعَب فالكفر كذلك، وشُعَب الإيمان الطاعات، وشُعَب الكفر المعاصي والبدع التي هي بريده، والوسيلة والطريق إليه، ولهذا كانت هذه الكلمة هي الفَيصل بين الإسلام والكفر، وبين أهل الجنة والنار، وعليها قامَ سوق الجنة والنار، وعليها انْقَسَم الخَلق إلى شَقِي وسعيد، وبها تُفتح الجنة.


وهذه الكلمة العظيمة مَن قالَها، استحقَّ أُخوَّة الإيمان، وإنْ كان من أبعدِ الناس، ومن أباها استحقَّ العداوة، وإنْ كان أقربَ الناس؛ لأنَّ ذلك علا بإيمانه على كلِّ شيءٍ، فكان أقربَ من كلِّ قريب.


كلمة التوحيد فيها نَفي وإثبات، فلا إله معبود بحقٍّ إلاَّ الله - سبحانه وتعالى - وهذا هو الإثبات والنفي لجميع الآلهة المعبودة سوى الله - عز وجل - وأنَّها باطلة.


ثم انظر كيف ذكَرَ - صلى الله عليه وسلم - في أعلى الشُّعَب كلمة لا يمكن أن ينوبَ أحدٌ عن أحدٍ بها، ولا تَقبل الحوالة ولا الوكالة، بل لا يصلح أن يقولَها إلاَّ كلُّ شخصٍ عن نفْسه، وهو الذي يُؤمن بها ويوحِّد الله بها - سبحانه وتعالى - وهي عمل لازمٌ للعبد.


ثم ذكَرَ - صلى الله عليه وسلم - عملاً يسيرًا، لكنَّه نفْعٌ مُتعدٍّ، وهو (إماطة الأذى عن الطريق)، وهذا يبيِّن عَظَمة هذا الدِّين، وهذه الشريعة كيف جعلتْ إزالة الأذى عن الطريق مِن شُعَب الإيمان التي مَن فرَّط فيها، فقد نقصَ إيمانُه؛ لأنه لم يستكمل الشُّعَب، وهذا يبيِّن أن مَن استكمل الشُّعَب، استكمل الإيمان؛ لحيازته لأعلى الشُّعَب إلى أنْ وصَلَ إلى أدناها.


ومن شُعَب الإيمان التي ذكَرَها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (الحياء)، وهو خُلق جميل يبعثُ على ترْك رذائلِ الأخلاق والأعمال، فتنكسر النفْس على الإقدام عليها؛ لأنَّ فيها دناءَةً تنافي الحياء، وهذا هو الحياء الشرعي الممدوح صاحبُه، وقيل في معناه: أنَّه خُلق يتولَّد من رؤية نِعم الله، رؤية التقصير في شُكْرها، فينتج عنهما خُلق الحياء.


وهذا الحياء الموصوف خيرٌ كلُّه أو كله خير؛ كما ثبَتَ في الصحيحين[5] من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما- وفي الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رجلٍ وهو يُعاتب أخاه في الحياء، يقول: إَّنك لتستحيي، حتى كأنَّه يقول: قد أضرَّ بك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعْهُ فإنَّ الحياء من الإيمان))[6]، ولا يدخل في مُسمَّى الحياء الشرعي الاستحياء في طَلبِ العلم بعدم السؤال والمشاركة بالبحث فيه، وكذا الاستحياء من الناس بعدم إنكار مُنكرٍ؛ فإن هذا ضَعف وخَوَر، وجُبن عن تحصيل الخير.


ثم بين هاتين الشُّعْبتين شُعَب عظيمة، وأعظم الشعب بعد قول: لا إله إلا الله: أركان الإسلام التي بعد الشهادتين، وتحتها شُعَب وفروع عظيمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكرْها ولم يحددها، ولكن ذَكَرها على سبيل العدد؛ حتى يجتهد المسلم في تحصيلها، ويَجِدَّ في سائر طرق الخير؛ ولهذا قال - تعالى -: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الحج: 77].


فينبغي للمسلم أن يسارِعَ ويُسابق في الخيرات، والعبد إذا اجْتَهَد في خَصلة من خصال الخير، لا يقول يقينًا: إنَّ هذه هي الشُّعْبة المرادة، بل يجتهد في جميع خصال الخير؛ حتى يستكمل جميع الشُّعب؛ روى البخاري عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أربعون خَصْلة أعلاهُنَّ مَنِيحَة العَنْزِ، ما من عاملٍ يعمل بخَصلة منها رجاءَ ثوابها، وتصديقَ موعدها، إلاَّ أدخَلَه الله بها الجنة))، قال حسَّان: فعَدَدْنا ما دون مَنِيحَة العَنْز مِن رَدِّ السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه، فما استطعْنا أن نبلغَ خمس عشرة خَصلة"[7].


وهذا يبيِّن كثرة طُرق الخير في هذه الشريعة، وأنه لا حصرَ لها؛ فمَهْمَا اجتهدَ العبد وعَمِل لنْ يُحصي طرق الخير؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث ثوبان - رضي الله عنه -: ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خيرَ أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن))[8]، وهذا هو الواجب على المؤمن أن يجتهدَ في تحصيل خصال الخير، لكنَّه لن يحصيها؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - كما عند البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((إنَّ الدين يُسر، ولن يُشاد الدين أحدٌ إلاَّ غلبَه؛ فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا))[9].


فالمقصود أنَّه - صلى الله عليه وسلم - ذكَر هذه الشُّعب العظيمة، وأنَّها كالأصول وتحتها فروع تتفرَّع منها؛ جاء ذكرُها في الأخبار الواردة عنه - صلى الله عليه وسلم - منها ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن أنفقَ زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمَن كان من أهْل الصلاة، دُعِي من باب الصلاة، ومَن كان من أهْل الجهاد، دُعِي من باب الجهاد، ومَن كان من أهْل الصيام دُعِي من باب الرَّيَّان، ومَن كان من أهْل الصَّدَقة، دُعِي من باب الصدقة))، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على مَن دُعِي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدْعَى أحدٌ من تلك الأبواب كلِّها؟ قال: ((نعم، وأرجو أن تكون منهم))[10]، وكذلك ما جاء في غيرها من الأخبار من الإصلاح بين المتخاصمين، وحمْل المتاع للإنسان، ودلالة الضال، وما أشبه ذلك من خصال الخير وشُعب الإيمان، فينبغي للمسلم أن يجتهدَ في تحصيلها، خاصة في مثل هذا الوقت الذي تكون الضرورة في الاجتهاد في خصال الخير من الدعوة إلى الله - عز وجل - والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة والكلمة الطيبة، وما أشبه ذلك من أشدِّ الضرورات، خصوصًا مع توفُّر الوسائل عبر الاتصالات الحديثة التي تسهِّل له وتُعينه على تحصيلها؛ فلهذا جديرٌ بالمؤمن أن يجتهدَ في تحصيل هذه الشُّعَب وخصال الخير، أو ما تيسَّر منها؛ حتى يحوزَ الخير ويحصل على الأجر العظيم، والله - عز وجل - شاكر حليم عليم؛ فأسأله - سبحانه وتعالى - أن يُعيننا على خصال الخير، وأن يرزقَنا الإخلاصَ في القول والعمل، وفي ما نأتي ونذر.


وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.


___________


[1]- أخرجه البخاري برقم (9).


[2] - أخرجه مسلم برقم (35).


[3] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده، 2/379، برقم (8926).


[4]- أخرجه البخاري برقم (99).


[5]- أخرجه البخاري برقم (6117)، ومسلم برقم (37).


[6]- أخرجه البخاري برقم 6118؛ ومسلم برقم (36).


[7]- أخرجه البخاري برقم(2631).


[8]- أخرجه ابن ماجه برقم(277)، وهو حديث حسن.


[9]- أخرجه البخاري برقم (39).


[10]- أخرجه البخاري برقم (1897)، ومسلم برقم (1027).

The following user says thank you to ahmeddodo for this useful post:

Post: #2
15-02-2020 13:21
♧TOP♧
ELJOKER


Joined: 12-07-2012
Posts: 43
Country: Saudi Arabia
Male ♧TOP♧ is Offline now Disabled
شرح حديث شعب الإيمان
بارك الله فيك

Post: #3
15-02-2020 18:25
EslamEl-Ahlawy


Joined: 18-07-2011
Posts: 39
Country: Egypt
Male EslamEl-Ahlawy is Offline now
شرح حديث شعب الإيمان
جزاك الله خيرا



Bookmarks
Digg del.icio.us StumbleUpon Google

Quick Reply
Decrease Size
Increase Size
Insert bold text Insert italic text Insert underlined text Align text to the left Align text to the centerr Align text to the right Justify text Insert quoted text Code Insert formatted PHP code Insert formatted SQL code
Colors
Insert hyperlink Insert image Insert email address
Smilies
Insert hidden text



Forum Jump: