You are Unregistered, please register or login to gain Full access
Recover Password: via Email | via Question
Thread Options  Search this Thread  
Post: #1
30-01-2019 10:50
ahmeddodo


Joined: 07-10-2014
Posts: 2,360
Country: Egypt
Male ahmeddodo is Offline now
الغضب واحتواء النفس.

نحن لا نولدُ وحوشًا تصرخُ غاضبةً كُلّما لمسها أحدٌ أو لمس أحد أشياءها الخاصة، ما الذي يجعلُنا نثورُ غضبًا؟! الغضبُ من المشاعر التي لا تحدُثُننن فجأة، الكلمةُ التي تُثيرُ فورة غضبنا بالتأكيد لم تكُن كافيةً وحدها لإحداثِ كُل هذا الدمار، والموقف الصغير الذي كانَ يُمكنُ أن يكونَ عابرًا لا نتوقّفُ عنده، بالتأكيد لم يكُن يستحقُّ كُل هذا الشجار والصوت العالي والخصومة والإفراطُ في الدراما والبُعد.
ما الذي حدث إذًا؟! 
من الطبيعي أن نحرصَ على غسل الأطباقِ بعدَ العشاء مباشرةً وعدم تركها أيامًا وأسابيع، وأننا نحرصُ على غسل ملابسنا كُل أسبوعٍ مثلاً وعدم مُراكمتها أشهُر.. لماذا؟
لسببيْن، الأول هو أننا بالتأكيدِ لا نُريدُ أن نعيشَ في بيئةٍ مُتّسخة، والثاني هو أننا قريبًا لن نجِد أطباقًا أو ملابسَ نظيفة لاستخدامها، ولن نستطيعَ بالتأكيد أن نستخدم الأشياءَ مُتّسخة، لأنّ ذلكَ سيُصيبنا بالأمراض، وسيُنفّرُنا من أنفسنا ويُنفّرُ الناسَ منّا.
نفسُ الأمر ينطبقُ على مشاعرنا.
المشاعرُ السيئة يجبُ التخلُّص منها وتنظيفُها أولاً بأول، لأنّ تراكُمها سيجعلُنا متّسخينَ جدًا من الداخل، وسيُقلّلُ من تقبّلنا للحياة، سيزيدُ من عصبيتنا وحساسيتنا لكُل شيء، لأن المكانَ كُله ممتلئ بالمشاعر السيئة، مما سيجعلُنا منفّرين للآخرين بسبب أسلوبنا الحاد وعصبيتنا المُفرطة، كما أننا لن نجدَ مشاعر بيضاء ونظيفة لاستخدامها وقت الحاجة، وتدريجيًا سنستبدلُ كُل مشاعر الحُب والسعادة والاحتواء بمشاعر سلبية، وسيزيدُ شعورنا بالنّقص الدائم والغضب الدائم، والاحتياج الذي لا يملؤه أي شيء، ونبدأ في استصغار أنفسنا، والسّخطِ على المُحيطين من أحبّتنا الذين مهما بذلوا من جهدٍ تجاهنا فإننا لن نشعُر منهم سوى بالتقصير والإهانة. 
الغضب هو الشعور الأوضح الذي ينتُجُ عن حالة الامتلاء والاتساخ تلك. 
ومن سماتِ الغضب، أنهُ يجعلنا نحوّلُ الناسَ إلى أعداء، نحنُ نعتقدُ عادةً أن الغضب ينبُع من احتكاكنا بأشخاصٍ مُستفزّين، لكن الحقيقة قد تكون أن الغضب في داخلنا منذُ البداية، وأن الغضب الكامن فينا هو الذي يدفعُنا إلى شيطنة الناس وتحويلهم إلى أعداء وهميين، فتبدأُ عقولنا في رؤيتهم على غيرِ ما هُم عليه، ويبدأ غضبنا في التحكّم في مشاعرنا ليكبُر إحساسنا بأننا ضحية العالم كُلّه، وأن لا أحدَ يُحبُّنا، وقد يقودنا هذا الشعور إلى الجنون، لنقَع ضحايا أوهامنا الخاصة. 
كُل ذلك كان ناتجًا منذُ البداية، عن أطباق العشاءِ التي قررنا عدم غسلها الليلة، الكلمة البسيطة التي أثارت في داخلنا فقّاعةً كان يُمكن أن تتلاشى بحديثٍ بسيطٍ مع شريكنا الذي لم يكُن يعلمُ شيئًا عن وجودِ الفقّاعة.
كقاعدة عامة، الناسُ لن يعلموا ما بداخلك إن لم تُخبرهُم به، لن يُدركوا أن شيئًا ما أثارَ ضيقك إن لم تُخبرهم بذلك، حتى شريك حياتك، ومن حقّ هؤلاء عليك أن تخبرهُم بما تشعُر به، ولا يوجدُ فرقٌ كبير بين التعبيرِ عن الحُب والتعبيرِ عن الضيق، فكلاهما يُسهِمُ في بناءِ علاقةٍ سويّة وبيتٍ هادئ. كلمة "أنا غاضب" مسبّبةٌ بأسبابها ليسَت أقلُ من كلمة "أنا أحبك" أو "أنا سعيد" مسببةً بأسبابها. 
إظهارُ المشاعرِ الطيّبة ومراكمةُ المشاعر السيئة لن يؤدّي إلى أيّ شيءٍ سوى الانهيارُ المفاجئ، قد تؤْثِرُ ألا تُخبرَ بمشاعرك السلبية اعتقادًا منكَ أن هذه هي التضحية، لكن الواقع غيرُ ذلك، الواقعُ أنّك تُراكمُ ملابسك المتّسخة، وقريبًا ستفتحُ دولابك لتجد أنهُ فارغٌ تمامًا، وليسَ بهِ قطعةُ مشاعرَ نظيفة واحدة لتُعطيها لشريكك، وقتها يبدأُ الفزع. 
استنزافُ مشاعركَ الطيبة دونَ محاولةِ غسلِ ما اتّسخ منها بدافع أخطاءٍ غيرِ مقصودةٍ من شريكك هو الخطأُ الأكبرُ في العلاقات. 
إذًا لا يكفي أن تحتوي غضب شريكك وتتعامل معه فقط، لكن أيضًا عليكَ أن تعرفَ كيف تتعامل مع غضبك أنتَ وكيفَ تُساعدُ شريكك في التعامُل معكَ في غضبك. 
لذا ما الخطواتُ التي عليكَ اتّباعُها لتحجيم غضبك وتقليل الخسائر الناتجة عنه.  أولاً: كُلّما تخلّصت مما يُضايقك وناقشته مع شريكك، قلّت نوبات الغضب الخارج عن السيطرة.
ثانيًا: غضبُك هو شيءٌ يخصُّك أنتَ أولاً قبلَ أي شيء، وأي شخصٍ آخر حتى ذلك الذي تسبّبَ فيه، رُبّما ذلك الغضب يُريدُ تنبيهك لشيءٍ ما في نفسك، حتى وإن كانَ الغضبُ عادةً موجّهًا لشريكك، هو في النهايةِ يخُصّك أنت، وينتمي لمشاعرك أنت، وشريكك هو جزءٌ صغيرٌ جدًا منه، قد يكونُ لكَ كُل الحقّ في الضيق من تصرّفٍ ما من شريكك، لكن في النهاية، الشعور نفسه ينتمي إليكَ وحدك.
ثالثًا: تذكّر دائمًا، أن غضبك يكونُ نابعًا من فهمك أنت للأمور، ومن رؤيتك الخاصة، التي قد تختلفُ جذريًا عن رؤيةِ شريكك، وأن الموقف كًلّه قد يكون اختلافًا في الرؤيةِ على الأكثر، تذكُّر ذلك قد يساعدك أن تبقى هادئًا أكثر مما يُسهِم في قُدرتك على رؤيةِ الأمور بشكلٍ أكثر وضوحًا وعقلانية.
رابعًا: حاول أن تتابع أفكارك الغاضبة لترى ما يُمكنُ أن تقودَ إليه، حتى لو استدعى الأمرُ تدوينها، والكتابةُ بشكلٍ عام تُساعدُ على إخراج شحنة الغضب مما يساهمُ أيضًا في إبقائك هادئًا.
خامسًا: تذكّر أن الغضب هو شعورٌ ثانوي وساترٌ للمشاعر الأكثر ضعفًا، قد يظهرُ لكَ بعد نوبة الغضب نوعٌ من الشعورِ بالانتصارِ الزائف، والراحة المؤقتة لنجاحك في إخفاءِ مشاعركَ الأكثر ضعفًا عن شريكك. لماذا هو الزائف؟! لأن الأصل في العلاقات السويّة هو كشفُ هذه المشاعر للشريك وليسَ إخفاءها، فإذا وجدتَ أن عقلك مُصرٌّ على إخفاءِ مشاعر الضعف وسترها بالغضب على شريكك، إذًا رُبّما عليكَ مُراجعةُ العلاقةِ كُلّها، لأنّ الأمر قد يكونُ أكبر من نوبةِ غضب، رُبما هناكَ مشكلات أكبر في عُمق العلاقةِ وبنائها وجذورها، وذلك يعني نوباتِ غضبٍ متكررة، فالخوفُ من ردة فِعل الشريك، أو من عدم تقديره، أو الهروبِ من الخلاف الذي هو جزءٌ من بناء العلاقة السويّة، كُل ذلكَ يُمثّلُ سكّينًا في ظهر العلاقة، يجبُ نزعُه والتئامُ الجُرح، إذا أراد الطرفانِ استكمالَ وجودهما معًا. 
إذًا فهمُك لغضبك، واحتواؤكَ أنتَ أولاً له، والبحث في أسبابه، هو أهمُّ خطوةٍ في علاجه وتقليل خسائره وحدّته وتأثيره على حياتك وحياة من تُحبّهم.  إدراكك أنّك لستَ وحشًا منذُ البداية، هو ما سيدفعُ الآخرين لاستيعاب هذا الحقيقة. 



Bookmarks
Digg del.icio.us StumbleUpon Google

Quick Reply
Decrease Size
Increase Size
Insert bold text Insert italic text Insert underlined text Align text to the left Align text to the centerr Align text to the right Justify text Insert quoted text Code Insert formatted PHP code Insert formatted SQL code
Colors
Insert hyperlink Insert image Insert email address
Smilies
Insert hidden text



Forum Jump: