الآتون من رحم الغضب
للشاعر : سمير فراج
للنّارِ رائحة الرجوعِ إلى مدينتنا القديمة هي كِلْمة الفتح التي تسري بها الشفةُ الكريمة وهي البراقُ بمَتْنِهِ معراجُنا فوقَ الهزيمة النّارُ تنزِع عن ملامحنا تجاعيدَ الهزيمة
*** لي مفرداتٌ تُشْبهُ الآتينَ من رحم الغضَبْ السالكينَ الموتَ دَرْباً يبحثون عن العربْ إنْ تقرؤوها تَسْمعُوا نبضَ الشهيدِ وقد أحبْ لا تُخْدعوا فمِن القصائدِ حمزةٌ وأبو لهبْ
***
بدمي أرتّلُ سُورة البِكْر التي حملتْ بجِيلْ فأجاءها جمْرُ المخاضِ إلى جُذُوع المستحيلْ فأتتْ بهِ في كفِّهِ الأحجارُ والثأرُ النبيلْ جيلٌ سيمْسحُ عنْ عيونِ مدينتي الليل الطويلْ
*** بدموعِ زيْنب كُنْتِ تبكينَ الَّذي للموتِ جاءْ وتشقَّقتْ شفتاكِ من ظمأِ الحسين بكربلاءْ منْ ذَا سَيُدْرِكُ أنَّ مَوْتَكِ كانَ منْ أجْلِ الْبقاءْ ؟ والناس تسألني: الفرزدقُ أم جرير في الهجاءْ!
*** لا تسأليني أين أشعاري سيسحقني السؤالْ هم حرَّقوا أشعارنا كي لا تبشَّر بالقتالْ واستأنسوا كلماتِنا كيْ يعرضُوها في احتفالْ فاستْفْتِحي أنتِ القصيدة يا ( سناء ) بالاشتعالْ
*** مِنْ أوّل الحبِّ انطلقْنا مَنْ سَيَبْلُغ آخرَهْ ؟ مَنْ سوْفَ يَزْرعُ قُبْلَةً فوق الجباهِ الضَّامرة ؟ مَنْ بَعْدَ عَزْلِ ابْنِ الوليدِ أَتى يَقُودُ عَساكِرهْ ؟ فَلْتُقْبِلي .. مدَدٌ عُيونُك والحروفُ مَحَاصَرَةْ
*** فَلْتَرْجعي طالَ انتظاري في الليالي المغلَقَةْ ودَمِي اشتياقٌ يا حبيبةُ للعيونِ المطلَقَةْ نبْضي تلا عَيْنَيْكِ دِيَوانًا وقَلْبِي حَقَّقَهْ قالُوا : تَرَاها واقِفًا مِنْ خَلْفِ حَبْل المشْنَقَةْ
*** هَذِي جبال الحزنِ راسيةً على صدْرِ الحروفْ فبِها أرى تأريخنا هشًّا على صدأِ السيوفْ فدعُوا الفتاةَ لحبِّها فلسَوْف تخْترقُ الصفوفْ صلَّتْ هوًى وتلتْ بمسْجِد حُبِّها سُوَرَ النَّزيفْ
*** أحبْبتِنا وصعدْتِ بالأشْواقِ من قاع الوريدْ وصرخْتِ بالحبّ : اخْرُجوا من بَيْنِ جُدْرَان النشيدْ أحبَبْتِنا والحبُّ يَقْتُلنا لنُبْعَثَ مِنْ جديدْ ذكَّرتنا أنَّ الرصاصةَ ماءُ غُسْل للشهيدْ
*** تلك التراتيلُ النديّة في الصباحِ صدًى لهمسِكْ أشرَقْتِ بَيْن المفرداتِ فصِرْنَ أقمارًا لشَمْسِكْ ما سَقْطَةُ الشهداءِ موتاً إنها رَقْصٌ بعُرْسِكْ لنْ يَكتُبَ التاريخُ عنك فأنْتِ تاريخٌ بنَفْسِكْ
*** كيْفَ الْتَقَيْنا يا ابنة الركن الَّنِديِّ منَ الزَّمانْ وأنا ابْنُ أيَّامٍ يثيرُ سعالُها شبَق الدّخانْ فَلْتُرْجِئي وَعْدَ الهَوى وحدِيثَ زَهْرِ الأُقْحُوَانْ فأنا إذا انْتَحَبَ الرَّصَاصُ أضِجُّ مِنْ ضَحِك الْكَمَانْ
*** الثأْرُ نَهْرٌ رافضٌ شَطَّيْهِ فَلْتَكُنِ الروافِدْ أنا عائدٌ لحبيبتي ، والتينُ والزيتونُ عائدْ لأَشُدَّ لَحْمَ قَضيِتَّى مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِ الْجَرَائِدْ ومآذِنُ الْأَقْصَى سَتَصْفَعُ وَجْهَ نَجْمَاتِ الْمَعَابِدْ
*** إنّي أحبُّك يا زجاجاتي المسيلةَ للدموعْ ذكَّرَتِني بالمسجدِ الأقصى وَقد بَكَتِ الشّموعْ بجبالِنا وسُعَالِ جَدّي حين يُجْهِدُه الطلوعْ فَلْتَملَئِى صَدْري دخانًا إنه عَلَمُ الرُّجُوعْ
*** إنّي أُحبّك زهرةً خَصّتْ حُروفي بالْعَبِيرْ وعمامةً في الصيفِ تَمْسحُ عن عِباراتي الهجيرْ وحمامةً بالحِبْرِ تَبْني عُشُّها بيْنَ السطورْ (إنّي أحبّكِ) .. كلمةٌ خرجتْ مع النَّفَسِ الأخيرْ
*** عيناكِ أصل الكائناتِ فكلّ شيء فيه رقَّةْ مِنْ أوْجهِ المدنِ الرّخامِ إلى انحناءاتِ الأزقَّةْ حتى الذي جعل المسافة بينَنا في الصدر طلْقَةْ نَبْضِي رصاصٌ والفؤادُ غَدَا يُصَوِّبُ كلَّ دَقَّةْ
*** وَقّعُ الرصاصةِ في الفؤادِ كأنه إيقاع قُبْلَهْ مَرَّتْ علَى شَفَتَيْ مُحِبِّ أكَّدَتْ بالموتِ قَوْلَهْ أنا حاملٌ عَيْنَيْك بُوصَلَةً ونَجْمًا كُلَّ رِحْلَةْ لَخَّصْتِ أَفْعَالَ الْجِهادِ فَلَنْ تَرَيْنِي حَرْفَ عِلَّةْ
*** عَيْناكِ تِرْيَاقٌ يقاوِمُ في الحشا سُمَّ السكوتْ كتَبُوا كما قرؤوا ، وأكتبُ في هواكِ كما أَمُوتْ كَمْ قُلْتِ للنّاس اخرُجوا فالمَوْت يَقْتَحِم البيوتْ لسْنَا أبا بَكْرٍ وصَاحبَه وَرَاء العنكبوتْ
***