يقولون أنه كلما بزغ شعاع الشمس وأصبح أكثر وضوحاً كلما اقترب موعد الغروب وأصبح التواري متوقعاً هذا يحدث في معظم البلاد، لكن في بعض البقع الأرضية تستمر الشمس ساطعة لعدد كبير من الساعات ويكون الغروب مسألة وقت قصيرة سرعان ما تنتهي لتشرق الشمس من جديد بضوء جديد وشعاع ربما يكون أقوى وأكثر فائدة
تماماً هذا هو حال اللاعبين فعندما يشق نور الفجر ظلام الليل الحالك وتظهر موهبتهم للنور وتبدأ في إشعاع الكون أو على الأقل تضيء بلادهم يستمر الضياء لفترة ثم يبدأ وقت الغروب كعادة طبيعية في الكون قبل أن يختفي شعاع الضوء وطاقة الشباب ويأتي وقت الرحيل
نتحدث هنا عن لاعبين غربت شمسهم في 2015 أو قبل ذلك بقليل على المستوى المحلي بشكل خاص وعالمياً بشكل عام ورغم الغروب مازال هناك بعضهم يحلم بشروق جديد بطاقة أجدد بينما استسلم البعض بالاعتزال أو الاتجاه لجمع المال في البقع الظلامية في كوكب كرة القدم بعيداً عن الأضواء
غروب حقيقي
المثل الأكثر واقعية هو نجم وهداف البريميرليج لأسابيع كثيرة في النصف الأول من موسم 2008-2009 مع فريق ويجان فقد وصل عمرو زكي وقتها لأقصى قمم المجد في مشواره الكروي وسجل 10 أهداف في البريميرليج جعلته حديث العالم
لكن عندما جاء الشتاء في يناير تجمدت موهبته وغطت الغيوم على الطاقة التي استمدها من الشمس ليغرب نجمه كرهاً وليس طوعاً ليبدأ في النزول بسرعة حتى جاء موعد الاستسلام في 2015 بإعلان الاعتزال وترك ساحة القتال الخضراء لأجيال جديدة
غروب مؤقت
قبل أن يشتهر يورجن كلوب مدرب دورتموند بهذه الصورة ويتبوأ مقعده ضمن صفوة مدربي العالم، كان النجم المصري محمد زيدان أحد إبداعات المدرب الألماني عندما قدمه للجمهور مع ماينز ثم دورتموند وفي أوج تألق نجم المنتخب المصري واقترابه من الانضمام للعمل تحت قيادة مدرب أخر من الصفوة وهو أرسين فينجر في أرسنال جائته ساعة الإصابة القاسية وانقطع رباطه الصليبي
ومن وقتها أيضاً اختفت إحدى المواهب النادرة في الملاعب المصرية دون إرادتها واقع الإصابة كان مؤلماً، فعندما عاد لم يجد عرض أرسنال مازال قائماً لم يجد مقعده الأساسي في دورتموند متاحاً كان كلوب قد قدم اختراعات جديدة لأوروبا والعالم ولبايرن ميونيخ طبعاً
اتجه زيدان للشمس الدافئة في الإمارات في تجربة لم يكتب لها النجاح في بني ياس وفي الوقت الذي اقتربت شمسه فيه من الغروب مازال نجم ميتيلاند الدنماركي السابق يقاتل ويحاول إيجاد مكان على المستطيل الأخضر لتأجيل موعد الغروب ومحاولة العودة للوراء لاستعادة آشعة شمسه الحارقة لمنافسيه لكن مسألة نجاحه في العودة مرتبطة بموعد الغروب الذي لا يرحم ويقترب بشدة
غروب مثالي
مهم جداً عندما يمنحك الله موهبة نادرة أن تحافظ عليها وعندما يقترب موعد سلب طاقتك بأمر الطبيعة عليك أن تكون ذكياً باختيار موعد الانسحاب هذا ما فعله أسطورة النادي الأهلي وأحد عظماء اللاعبين في منتخب مصر محمد أبو تريكة
يبدو أنه استفاد بتشبيهه بزين الدين زيدان الذي اعتزل في نهائي كأس العالم وهو في قمة التألق واللياقة والخبرة فقد سجل أبو تريكة هدفاً ساهم في فوز الأهلي بنهائي دوري أبطال أفريقيا 2013 واختار أن ينسحب وسط أصوات الآلاف في الملعب المطالبين ببقاءه ليحتفظ بمشهد مثالي في الغروب يضاهي لحظة تواري الشمس خلف البحر بضوءها الأحمر المميز
غروب طوعاً
عندما تكون لاعب كرة قدم ويأتي عيد ميلادك الـ35 فلا يجب أن تحتفل وقتها عليك أن تحزن لاقتراب موعد الغروب إن لم يكن هذا هو الغروب نفسه وهذا ما فعله ستيفان جيرارد قائد ليفربول وأسطورته الخالدة، فقد كان ستيفان أكثر واقعية بترك ناديه ومغادرة أنفيلد رود واللجوء لغروب اختياري مؤقت قبل الغروب الحقيقي
عبر ستيفان جيرارد المحيط واتجه للاختفاء في أميركا، هناك سيلعب في دوري المحترفين للاعبين المغمورين إلا قليلاً مكان مظلم وكئيب جداً على سطح كوكب كرة القدم لكن الأموال الكثيرة هي الهدف حتى يستمتع جيرارد مع بناته وزوجته تحت الشمس الساخنة على الشواطيء عندما تأتي النهاية
هجرة
ما فعله جيرارد كرره أندريه بيرلو الذي ترك المجد والشغف والمنافسة الكبرى في يوفنتوس بعد الوصول لنهائي دوري أبطال أوروبا مع البيانكونيري وتحقيق الثنائية المحلية واختار الاختفاء في أميركا إلى جوار أسطورة إنجليزية أخرى
نادي نيويورك سيتي كان المحتضن للاعبين العظماء المهاجرين بحثاً عن المال فقد ضم أسطورة تشيلسي السابقة فرانك لامبارد الذي قضى موسماً أخيراً مع السيتي في البريميرليج في محاولة لتأجيل الغروب الاختياري لكنه لم يلم نفسه كثيراً لأنه وجد هناك أيضاً غير جيرارد وبيرلو لاعبين عظماء مثل كاكا وديفيد فيا
غروب ولكن
على المستوى المحلي شهدت مصر غروب جيل كامل، هو الذي تألق في الأهلي ومنتخب مصر والزمالك وحفر اسم مصر بقوة في التاريخ الأفريقي الحديث اختفى عصام الحضري بحكم الطبيعة رغم أنه مازال يقاتل في الملعب، غابت شمس هاني سعيد ومحمود فتح الله رغم أنهم أيضاً مازالوا يحاولون، غربت شمس وائل جمعة بالاعتزال مثلما فعل سيد معوض ومحمد حمص وعبد الظاهر السقا وعمرو زكي تماماً واختفى محمد شوقي ومحمد زيدان في ظروف غامضة ولازال متعب وفتحي يحاولان البقاء تحت ضوء الشمس لأطول فترة ممكنة
لكن بعد أعوام قصيرة من غروب الجيل الذهبي بدأ جيل أخر يشرق بشكل أكثر حيوية بكل الأمل يطمئن المصريين بمستقبل لا يقل عن الماضي لكن هذا مقال أخر يأتي في حينه