بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
( طِبَاعٌ مَعْكُوْسَةٌ ) ! .. وَ ( وُجُوْهٌ عَبُوْسَةٌ ) ! .. وَ ( قُلُوْبٌ مَنْكُوْسَةٌ ) !
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نَبيِّنا مُحمَّدٍ الأَمينِ ، وعلى آلهِ وأَصحابهِ أَجمعينَ ، وبعدُ :
فالحياةُ ( سَفَرٌ ) ، ونَحنُ ( مُسافرونَ )
والمُسافرُ يَرى ـ هُنا ـ أَشياءَ تَسُرُّهُ ، ويَرى ـ هُناكَ ـ أُخرى لا تَسُرُّهُ ؛
فَيُسَرُّ ـ هُنا ـ ، ويَحزَنُ ـ هُناكَ ـ
والحياةُ ( تَجارِبُ ) ، ونَحنُ ( كُتَّابُهَا )
والكاتِبُ يُسَطِّرُ غَثَّ الحياةِ وسَمينُها ، ويُسَطِّرُ زَيْنُهَا وشَيْنُهَا ؛
فَيأَخُذَ ( العِبرةَ ) ، ويُصحِّحَ المسارَ
فلنأخُذ الجانِبَ ( المُظْلِمَ ) مِن هَذا ( السَّفَرِ ) ! ، ومِن تِلكَ ( التَّجارِبِ ) !
لنَعتَبِرَ مِن هَذه الدُّنيا الفَانِيَةِ .. ولنَحمَد اللهَ على العَافِيَةِ
(( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )) .. و (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))
فَفي سَفَري ـ في الحياةِ ـ ؛ واجَهْتُ أُناسَاً :
( حَرَكاتُهُم غَريبةٌ ) ! .. ( سَكَناتُهُم مُريبةٌ ) !
( طِباعُهُم مَعْكوسَةٌ ) ! .. ( وُجوهُهُم عَبوسَةٌ ) ! .. ( قُلُوبُهُم مَنكوسَةٌ ) !
كَأَنَّهم : ( لم يَروا بَشَراً ) ! .. و ( لم يألَفوا تَبَسُّمَاً ) !
( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ )
أَدنى شَيءٍ يُريبُهُم ! .. وأَقَلَّ شَيءٍ يُقلِقُهُم !
يَتوجَّسونَ ! .. ويَحذَرونَ !
(( يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ )) !
يُسيؤونَ الظَّنَّ مَع أَتقى أَهلَ زَمانِهِم !
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))
لا يَذكُرونَ الإِحسانَ ! .. ويَنسَونَ العِرفانَ !
(( وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ))
فَجأَةً ( ! ) : عَليكَ يَنقَلبونَ !
وكَأَنَّهُم لم يَعرفوكَ ! .. وبِأَلْسِنَةٍ ( حِدادٍ ) سَلَقوكَ !
(( فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ))
يُقَزِّمونَ البِرَّ والإِحسانَ .. وَلَو بَلَغَ مِثْلَ الجِبَال !
ويُعَظِّمونَ خَطأ الإِنسانَ .. ويَزِنُوهُ بِالمثْقَال !
(( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )) ؟!
الحَقُّ ـ عِندَهُم ـ مَرفوضٌ ! ؛ لِأَنهُ خَالَفَ ( هَوى النُّفوس ) !
والبَاطِلُ ـ عِندَهُم ـ مَقبولٌ ! ؛ لِأَنهُ وَافَقَ ( هَوى النُّفوس ) !
(( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))
( زاعِمينَ أَنَّهُم : على صِراطِ الحَقِّ سَائرينَ ) !!
(( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ))
( تَبَّاً ) : لِطَبْعٍ غَيرِ رَشيدٍ ! ..
و ( سُحْقَاً ) : لِرأيٍ غَيرِ سَديدٍ ! ..
و ( بُعْدَاً ) : لِعُرْفٍ غَيرِ حَميدٍ ! ..
(( تَبَّاً .. وسُحقاً .. وبُعداً ))
سُبحانَ اللهِ !!
ما الَّذي جَرى لِلقَومِ ؟!
أَيُّ صَاعِقةٍ ضَرَبَتْ عُقُولَـهُم ؟! .. (( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ))
وأَيُّ فِتْنَةٍ خَالَطَتْ قُلُوبَهُم ؟! .. (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ))
أَينَ : ( تَحكيمُ شَرْعِ اللهِ ـ تَعَالى ـ ، ونَبْذِ ورَفْضِ ما سِواهُ مِن البَاطِلِ ) ؟
(( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
غَرَّتْهُم مَباهِجُ الدُّنْيَا ( الدَّنِيَّةِ ! = الدَّنِيْئَةِ ! ) !
(( ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )) .. (( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))
فـ : ( ياربِّ رُحماكَ رُحماكَ )
( الحَمدُ للهِ الَّذي عافانا مِمَّا ابتلاهُم بِهِ ، وفَضَّلَنا على كَثيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضيلاً )
اللَّهُمَّ اجعلنا مُعْتَبرينَ بِغَيرنا ، ولا تَجعلنا عِبْرَةً لِغيرنا
اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا مِن بَلائِكَ .. واكْفِنا شَرَّ خَلْقِكَ
اللَّهُمَّ رُدَّ الشَّارِدَ .. واهْدِ الضَّالَ
(( اللَّهُمَّ آمِينَ ))
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلى نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ ، وعَلى آلهِ وأَصحابِهِ أَجمَعينَ
[b]أبو عبد الرحمن ( الأثري العراقي )[/b]