كان عمر يعيش فى منزل كبير مع اسرتة كانت حوائط المنزل تتخللها الشقوق كالانهار للدول اما السقف فكان ينهار جزء بعد الاخر وكل من بداخله يخشى ان يسقط عليه ورغم ذلك كان البيت اذا نظرت اليه من الخارج ظهر كما لو انه حديث البناء .
كان والد عمر متمسك بذلك المنزل فكلما طلبت منه زوجته واولاده بيع جزء من الارض لبناء منزل جديد يطمئنوا للعيش فيه يرفض الوالد ويتحول النقاش الى خلافات "لن ابيع الارض , لن ابنى لكم شئ , بعد موتى افعلوا ما شئتم " هذه هى كلماته .
ودائما ما كان يحكى عن الالام التى ذاقها مرارا فى هذا المنزل !! فما السر ....؟ الكل يتسأل !
وفى احد الايام عندما كان عمر يتحدث مع والده لنفس السبب احتد النقاش بينهما وترك عمر المنزل وهو غاضب من والده ذهب ليسكن مع رفاقه فى احدى الشقق المستأجرة . مر يوم واثنان وثلاثة وعمر لا يعود , ها قد مر العيد واصبحت فترة غياب عمر عن البيت ثلاثة شهور ,ووالدته تحترق لبعده عنها لكن ما كان يصبرها انها كانت تسأل عنه رفيقه , هذه المره مختلفه فرفيقه لم يطمئنها . اخبرها انه مريض منذ فتره ولا يستطيع ان يترك الفراش لم تنتظر لتضع سماعة التليفون وراحت تجرى اليه لتحضره وعندما طلبت منه العودة معها رفض عمر وبكت هى كثيرا ليعود وتعتنى هى به .
وافق عمر على العوده وعندما وصل الى البيت وهو مستندا على رفاقه التف حوله اخواته واخذوا يحضنوه واحدا تلو الاخر كان الشحوب يظهر على وجهه وهو ينظر الى والده لم يحدثه وذهب الى غرفته فى صمت .
مر اسبوع على عودة عمر ومازل يقاطع والده , انزعجت والدته من هذا الخصام فذهبت لعمر واخذت تحدثه عن حب والده له ولاخوته وانه مهما فعل والده لا يصح ان يقاطعه . لم يستطيع عمر النوم تلك الليله وظل يفكر فى حديث والدته فأيقن انه عليه ان يناقش والده دون ان يتجادل معه وان يستمع لما يقوله له .
وفى الصباح عندما كان والده يتناول الشاى اقترب عمر منه وسأله . ......... ما السر ............؟ نظر اليه والده ثم عاد لتناول الشاى دون ان يرد عليه , فجلس عمر بجواره وقال انظر يا ابى الى تلك الحائط التى هناك لا يمر يوم الا ونقول انها سوف تسقط اليوم هذا لا يهم .... ما نخشاه حقا ان تسقط فوق واحد منا وتسلبه حياته ولن نكون سعداء بهذا . انظر الى البيت يا ابى والى حوائطه التى لا تتحمل ان يستند عليها احد واخبرنى عن سبب تمسكك بهذا المنزل .
اعاد والده النظر اليه وقال يابنى لقد قلت سابقا اننى لم ارى فى ذلك البيت الا الالام.......نعم الحق لك ولكنك لا تعلم انى هنا ايضا عشت لحظات فرح فكلما نظرت هنا اوهناك وجدتكم تكبرون امامى هذه لحظات فرحى فلماذا تريدون سلبها منى .....تمسكى بالمنزل ليس لحبى فى تذكر الالم بل لحبى فى تذكركم انتم
يابنى لقد كان فراقك صعبا بالنسبة لى وتجنبك لى ايضا ولقد عزمت على ان ابنى لكم منزل لتطمئنوا للعيش فيه واطمئن انا عليكم فانا لا اريد ان افقدكم اما هذا المنزل فسيبقى دائما منزل الذكريات ليكون خلاصى فى وقت احزانى فهذه الجدران شهدت معى ما لم يشهده احد غيرى.
نظر عمر لوالده واخذ يقبل يده ويعتذر عن خصامه له ووعده بانه سيوصى اولاده ان يبقوا البيت قائما ليحفظ ذكراه.
اعلموا اخوانى ان كل شئ يذكرك بالألام فأنما تجد به ما يذكرك بما تحبه فلا تستلم للألم وتذكر ما يفرحك فى هذا الشئ حتى ولو اصبح قديما متهالكا ولا جدوى منه
اخــــوكــــم حـــــازم
:love: