جنيف، باريس - ، ا ف ب - قررت منظمة الصحة العالمية رفع مستوى الانذار بشأن انفلونزا الخنازير الى الدرجة الخامسة والتي تعني ان انتشار الوباء "وشيك". ويأتي هذا القرار بعد ان اتسعت رقعة الاصابة بهذا الفيروس ليشمل11 دولة وبارتفاع عدد المصابين الى 2500 شخص فضلا عن تسجيل حالات وفاة لعشرات الاشخاص في المكسيك من بينهم رضيع في ولاية تكساس الاميركية ليصبح أول حالة وفاة في الولايات المتحدة.
واعلنت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، مارغريت تشان، خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو من مقر المنظمة في جنيف ان "الفيروس ينتشر من دون اي مؤشر على تباطؤ". واضافت ان "كل الدول يجب ان تفعل فورا خططها للاستعداد لانتشار هذا الوباء". وكانت الدرجة الرابعة تشير الى زيادة الخطر بشكل كبير، تعني الدرجة الخامسة وجود "مؤشر قوي جدي على جائحة وشيكة" وانه لم يعد هناك وقت طويل للاستعداد لمواجهتها.
وقال نائب مديرة منظمة الصحة العالمية، كيجي فوكودا، ان المنظمة احصت 148 اصابة مؤكدة في العالم بينها ثماني وفيات انه "تغيير كبير"، مؤكدا انه "ليس هناك اي مؤشر على تباطؤ" بل بالعكس "المرض ينتشر". وجاء قرار رفع مستوى الانذار بعد ثلاثة ايام من قرار مماثل اتخذ بناء على توصيات لجنة الطوارىء في المنظمة التي تضم حوالى 15 خبيرا دوليا.
من جهته، يقول مسؤول برنامج الانفلونزا في المركز الاوروبي للوقاية من الامراض ومراقبتها (اي سي دسي سي)، انغوس نيكول، ان "الدراسات التاريخية كلها حول الجوائح تشير الى انه كلما كان البلد فقيرا، كان وضع السكان اسوأ".
وفيما يعيش العالم في حالة من الخوف والهلع نبين في السطور التالية رحلة انفلونزا الخنازير في الجسم،
يدخل فيروس انفلونزا الخنازير كغيره من الفيروسات، الى الجسم عن طريق الشعب الهوائية العليا ومنها الى الخلايا التي يستخدمها من اجل التكاثر. وثمة ثلاثة انواع من الفيروسات "ايه" و"بي" و"سي" ولا يسبب النوع الاخير الا اضطرابات تنفسية بسيطة. اما النوعان "ايه و"بي" فيشملان نوعين من البروتينات السطحية هي الايماغلوتينين والنورامينيداز التي تظهر على شكل شويكيات تغلف الفيروس. والفيروس "اتش1ان1" (الايماغلوتينين من النوع الاول والنورامينيداز من النوع الاول) الذي يقف وراء وباء انفلونزا الخنازير هو من النوع "ايه". ويمكن ان يتفرع الى انواع ضمنها متغايرات عدة.
ويتألف الفيروسان "ايه" و"بي" من ثمانية اجزاء من "آر ان ايه" (الحمض الريبي النووي) تختلط ببعضها كورق الشدة، كما تصفها عالمة الفيروسات سيلفي فان دير فيرف. ويمكن للفيروسين تاليا ان يخضعا لتغييرات كبيرة حتى انهما قد يتحولان بشكل جذري. ويعتبر الخنزير من حيث طبيعته مستقبلا لاشكال مختلفة من الفيروسات يمكنها ان تجتمع لتولد فيروسا متعددا. هذه هي حال فيروس "اتش1ان1" الذي يجمع بين سلالتين من فيروسات الخنازير وسلالة من فيروس الطيور وسلالة من فيروس بشري. وهو قابل للانتقال الى البشر. والاخطر من ذلك هو ان الفيروس يستخدم الانسان كجسم ناقل لنقل العدوى من انسان لاخر. وحين تنتقل العدوى الى الانسان، يتشبث فيروس الانفلونزا بخلايا الجهاز التنفسي ويجتاز الظهارة، وهي طبقة سطحية تحمي الخلايا. وليتكاثر هذا الفيروس يقوم باعادة برمجة الخلية ويحور وظيفتها بما يخدمه. فتتمكن كل خلية مصابة بالتالي من انتاج مئات الخلايا الفيروسية لتستشري في الجهاز التنفسي باكمله.
وتتراوح مدة حضانة فيروس انفلونزا الخنازير بين ثلاثة وسبعة ايام، وقد تمتد اكثر لدى الاطفال الصغار. وتشبه اعراضها الانواع الاخرى من الانفلونزا وهي تشمل ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة والما في العضلات وارتعاشا وسعالا. وينتقل هذا الفيروس المعدي جدا بواسطة قطيرات الماء التي تنتشر في الهواء عند التنفس او السعال او العطس. وينصح العلماء بعزل المصاب بالعدوى واعطائه مضادات الفيروسات لاحتواء الوباء. ولا تزال استجابة الجسم لهذا الفيروس مجهولة. وقال عالم الفيروسات البريطاني جون اكسفورد "مع اننا لم نشهد هذا الفيروس من قبل، الا اننا تعرضنا لفيروسات من سلالة (اتش1ان 1 )منذ 1978". ويرى ان جسم الانسان لديه تاليا بعض المناعة ضد هذا الفيروس خلافا للفيروس المسبب لانفلونزا الطيور "ايتش5 ان1" الجديد كليا على الجسم.