بعد ستة شهور أمضتها منى فعليا مثل السجينة انتهزت الفرصة الاولى التي لاحت أمامها لتلوذ بالفرار من الاسرة التي عملت لديها كخادمة بلا كلل دون أن تتقاضى أي أجر. منى (35 عاما) التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها او الاعلان عن بلدها الاصلي في اسيا "كانت السيدة (ربة المنزل) تهددني. قالت انها سوف تقتلني ولن يعرف احد بالامر لان اسرتي لا تعرف مكاني." وأضافت "عندما لا ترضى السيدة عن تنظيفي كانت تقرصني هكذا او تركلني. كانت هناك كدمات سوداء وزرقاء على وجهي. لذا قررت الفرار. ذات يوم كانت السيدة منشغلة بالبحث عن ثوب في السوق. وضعت السلة وجريت مبتعدة على الفور." وقصة منى هي حكاية شائعة بين كثير من خادمات المنازل بالمملكة العربية السعودية التي تتسم بطابع محافظ حيث نقلت الثروة النفطية المجتمع البدوي التقليدي الى نمط معيشي يعتبر فيه الحصول على مساعدة بالمنزل امرا اساسيا حتى في نطاق الاسر ذات الدخل المحدود.
وذكرت صحيفة الوطن السعودية في الاونة الاخيرة ان 89 بالمئة من الاسر السعودية لديها على الاقل خادمة واحدة. ويتجاوز عدد العاملات في المنازل المليون بينهن عاملات من بنجلادش والهند والفلبين واثيوبيا واندونيسيا ونيبال وسريلانكا. لكن المشكلات الثقافية المتأصلة التي تكتنف هذا التلاقي الكبير بين اسيا وشبه الجزيرة العربية ضخمة للغاية. وتورد الصحافة السعودية عادة حكايات انتهاكات جنسية مزعومة وخادمات يلقين حتفهن في محاولات فاشلة للفرار. وساعدت القوانين الاسلامية الصارمة للفصل بين الجنسين التي جعلت معظم النساء السعوديات يبقين في المنازل ليمارسن دورهن كأمهات على خلق علاقة يسودها الاختلال الوظيفي بين العامل وصاحب العمل وهو ما يؤدي عادة الى اساءة المعاملة. وخصصت بعض السفارات الاجنبية في الرياض "منازل امنة" سرية ليكون بمقدور الخادمات اللجوء اليها هربا من المعاملة السيئة لمخدوميهم بينما يتولى الدبلوماسيون انتزاع رواتبهن غير المدفوعة وجوازات سفرهن التي يحتجزها عادة اصحاب العمل قبل ان يعيدوهن الى بلادهن.
وخلال مقابلات أجرتها رويترز الشهر الجاري مع مجموعة من الخادمات الهاربات بينهن منى ذكرن حكايات مماثلة عن التعرض للعنف وعدم اعطائهن رواتبهن ومنعهن من الاتصال بالعالم الخارجي. وعلى غرار منى استخدمن اسماء مستعارة لحماية انفسهن تحسبا لمنع السلطات لهن من مغادرة البلاد. وبينما تنتظر منى تلقي راتبها المتراكم لمدة ستة أشهر والذي يبلغ 600 ريال سعودي شهريا (حوالي 160 دولارا) تنتظر سارة ثمرة عملها كخادمة لمدة ست سنوات متصلة لدى أسرة سعودية من الطبقة المتوسطة. وقالت سارة (37 عاما) "لم يكن هناك راتب على الاطلاق. توقعت الحصول عليه كل شهر لكنهم كانوا يقولون في وقت لاحق. الان مضت ست سنوات." وأضافت "اذا رأتني السيدة نائمة أثناء اليوم تضربني وتأمرني أن أنهض. تضربني بفرشاة الارض. وقالت اذا اشتكيت تذهبين الى السجن. كنت دائما ابكي واصلي."
وتقول حبيبة (18 عاما) انهم كانوا يوجهون لها السباب ويضربونها عندما كانت تطلب راتبها الذي تراكم لمدة ثمانية شهور والذي تأمل ان تتسلمه قبل ان ترحلها سفارة بلدها من السعودية. وتمكنت حبيبة من الهرب عندما توجهت الاسرة التي تعمل لديها الى حفل زفاف في الرياض وبقيت وحدها مع والدة "السيدة". وقالت "فقدنا مفتاح البيت وذهبنا الى منزل أقارب لهم. وتسللت الى الخارج في الصباح وهم نيام." واتفق الكل على ان مشكلاتهن في العمل تنبع اساسا من خوف الاسر السعودية من فرار الخادمات سعيا وراء فرص عمل أفضل بعد ضمان قدر من رواتبهن. كما تخشى النساء السعوديات من ان يظهر ازواجهن اهتماما جنسيا بالخادمات. وتعدد الزوجات شائع في السعودية مما يخلق شعورا بعدم الامان بين النساء.
واصدرت مخدومة منى اوامر صارمة لها بمغادرة الحجرة التي يوجد فيها زوجها او تغطية وجهها. وقالت "شاهدته فقط في المطار لدى وصولي. كنت ذات يوم في الحجرة معه وسقط حجابي فصفعتني." وتابعت "أخذت كل أدوات التجميل الخاصة بي وأي شيء يجعلني أبدو أجمل