السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾
✍️ قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالىٰ :
إنّ قوله : { أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ } كذب، ومستنده في ذلك باطل، فإنه لا يلزم من تفضيل مادّة علىٰ مادّة تفضيل المخلوق منها علىٰ المخلوق من الأخرىٰ، فإن الله سبحانه يخلق من المادّة المفضولة ما هو أفضل من المخلوق من غيرها، وهذا من كمال قدرته سبحانه ولهذا كان محمد وإبراهيم وموسىٰ وعيسىٰ ونوح والرسل أفضل من الملائكة ومذهب أهل السنة أن صالحي البشر أفضل من الملائكة وإن كانت مادتهم نورًا ومادة البشر ترابًا فالتفضيل ليس بالمواد والأصول،
ولهذا كان العبيد والموالي الذين آمنوا بالله ورسوله خيرًا وأفضل عند الله ممن ليس مثلهم من قريش وبني هاشم، وهذه المعارضة الإبليسية صارت ميراثًا في أتباعه في التقديم بالأصول والأنساب علىٰ الإيمان والتقوىٰ، وهي التي أبطلها الله عز وجل بقوله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } .
وقال النبي صلىٰ الله عليه وسلم : « إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء الناس مؤمن تقي وفاجر شقي » .
وقال صلىٰ الله عليه وسلم : « لا فضل لعربي علىٰ عجمي ولا عجمي علىٰ عربي ولا لأبيض علىٰ أسود ولا لأسود علىٰ أبيض إلاّ بالتقوىٰ الناس من آدم وآدم من تراب » .
فانظر إلىٰ سريان هذه النكتة الإبليسية في نفوس أكثر الناس من تفضيلهم بمجرد الأصول والأنساب .
[ الصواعق المرسلة (١٠٠٣/٣ ]