You are Unregistered, please register or login to gain Full access
Recover Password: via Email | via Question
Thread Options  Search this Thread  
Post: #1
06-04-2022 11:42
ahmeddodo


Joined: 07-10-2014
Posts: 2,360
Country: Egypt
Male ahmeddodo is Offline now
تفسير قوله تعالى : إنما النَّجوى من الشيطان.

إنما النَّجوى من الشيطان


 


إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله، فلا مضلَّ له، ومَن يُضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.



أمَّا بعد:


أيُّها الأحبة الكرام، ونحن نستعدُّ في هذه الأشهر لاستقبال شهر رمضان، ونراجع آيات القرآن، وإذا بنا نَجد أنَّ في القرآن الكريم أعظمَ العِبَر، وأعمقَ الدروس، وكأنَّنا لم نقرأ الآيات من قبلُ، ولم نَحفظها منذ زمن؛ إذ إنَّ هذا يدُلُّ على عِظَم هذه المعجزة، وعلى فضل هذا الكتاب، فيدعونا كلُّ هذا لأَنْ نعودَ إلى كتاب ربِّنا من جديد، على الأقل أنْ نعلمَ، وبالنية الخالصة لله - تعالى - سنطبق فنعمل.


 


وأنا أقرأ آيات المجادلة استوقفَتْني آياتُها، استوقفني فيها أنَّ الكلامَ عن التناجي أخذ لُبَّ ما فيها، وصار جُلَّ محورها، ثُمَّ استوقفني تَكرار كلام ربنا عن الموضوع، فكانت الآياتُ وهي تتكلم عن التناجي الذي يقصد به الكلام بالسر، وتتكرر هذه الآيات وتتوالى، وهذا إنْ دَلَّ على شيء، فإنَّما يدل على أهمية الموضوع ومكانته، وفي الوقت نفسه رأيت أنَّنا عن هذا الأمر في سُبات، فلا تكاد تجد مجلسًا من مجالسنا إلاَّ ما رَحِمَ ربي إلاَّ وهو واقع في هذه المعصية، غير متدارك لها.


 


فتعالَ - أخي الحبيب - لنسمع لهذه الآيات؛ يقول الله - جلَّ جلاله - في سورة المجادلة: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 7 - 10].


 


فالتكرار واضح، والتأكيد على الأمر صارخ؛ حيث بدأ بالخطاب مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم ثنى بخطابه مع المؤمنين مباشرة، وكل الخطاب لا يتعدى النهي عن النجوى، لِمَ كل هذا الاعتناء؟ لأنَّ صفة التناجي ليست من صفات المؤمنين إنَّما هي من صفات اليهود.


 


فكان فعل اليهود سببًا لنُزول هذه الآيات الكريمة، فكان اليهود عندما يَمر المسلم من أمامهم كانوا يتناجون فيما بينهم، ويفعلون هذا أمامه؛ لأجل إخافته، ويوهموه أنَّهم يدبرون حوله المكايد، ويدسون حوله الدسائس، فنزل قوله - تعالى - مُعلنا: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [المجادلة: 10] إلى نهاية الآية.


 


فجاء تنبيه الله من عليائه أنَّ أصلَها من الشيطان، هو الذي حرَّض عليها، وهو الذي دفع إليها؛ إذ هو يريد دائمًا إحزانَ المسلم، لا يريدك سعيدًا يومًا من الأيام، إنَّما دائمًا يريد أن يَجلب النكد والهمَّ والغمَّ لأهل الإيمان.


 


فماذا على المسلم أن يفعل؟ عند ذاك عليك أن تتوجَّه بقلبك إلى مَن خلقَك وآواك، وحفظك وكفاك، ورزقك وأعطاك، وهو التوكُّل على الله؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].


 


يقول الإمام ابن كثير: "عندما يصدر هذا عن المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه؛ ﴿ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾؛ أي: ليسوءهم، ﴿ وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾مطلقًا، ومن أحسَّ من التناجي ضَررًا فماذا يفعل؟ فليستعذ بالله، وليتوكل على الله، فإنه لا يضره شيء - بإذن الله".


 


والتحريم في كل هذا لسبب واحد - إخوتي الكرام - وهو لأنَّه يُحزِن الذين آمنوا، يُحزن فقط، حزن فقط، ليس قتلاً، ولا تعذيبًا، ولا اعتداء، إنَّما إحزان الآخرين، وإذا كان الله - تعالى - ينزل كل هذه الآيات؛ ليمنع إحزان المسلم فقط، فما بالك بالاعتداء عليه؟ فما بالك بسبه، بشتمه، بغيبته، بالاعتداء عليه، بل بقتله وتعذيبه؟!


ولهذا نجد السُّنَّة النبوية الشريفة أكَّدتْ على هذا الموضوع، ووضَّحته، وفصَّلته، وجعلتْه أدبًا من آداب المسلم، فهذا ابنُ مسعود يَروي عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((إذا كنتم ثلاثةً، فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تَختلطوا بالناس؛ من أجل أن ذلك يحزنه))، الله أكبر، حتى السنة تقول: إنَّ التناجي يُحزن، وفعلاً إذا مرت بك هذه الحالة ستحزن كثيرًا وهو أمر مُجرَّب.


فلربَّما توهم هذا الرجل الثالث أنَّ نَجواهما لتبييت رأي أو تجسيس غائلة ضِدَّه، أو يحس أنَّ ذلك احتقارٌ له، واستخفاف به.


أما إذا كانا وحدهما ودخل ثالث، ففي هذه الحالة لا بُدَّ له أنْ يستأذنهما؛ عسى أن يكونَ بينهما كلامٌ خاصٌّ، وأمرٌ محصورٌ، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه - لَمَّا جاءه رجلٌ يريد أن يدخلَ بينه وبين رجل آخر، لَكَزَه في صدره، وقال له: "ألَم تسمع أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إذا كان اثنان يتناجيان، فلا تدخل بينهما))".


قال ابن عبدالبر - رحمه الله -: "لا يَجوز لأحدٍ أنْ يدخُلَ على المتناجِيَيْنِ في حال تناجيهما"، فجعله - رحمه الله - مُحرمًا، وبعض العلماء جعله مكروهًا.


 


أمَّا إذا كان هناك إذْنٌ أو حاجة، فلا بأسَ بها عند العلماء؛ قال النووي - رحمه الله - في "رياض الصالحين" باب: النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلاَّ لحاجة، فصار هناك شرطان لجواز التناجي:


أولاً: أن يكون بإذن الشخص الثالث.


ثانيا: أن تكونَ هناك مصلحةٌ راجحة، أو حاجة مُلحَّة.


 


والتناجي المحرم صورُه كثيرةٌ، منها:


1- التكلم بلغةٍ لا يعرفها الشخصُ الثالث، فهذا تناجٍ واضح لا يجوز فعله.


2- الكتابة، مثل أن يكتب شخص لآخر ورقةً فيها بعض الكلمات، فيعطيها أمام الثالث، أو يرسل له بالجوال وهم في مجلس واحد.


3- الإشارات والرموز والحركات التي يفهمها طرفٌ واحد، فيبقى الطرف الآخر حزينًا لا يعرف ماذا يقصدون.


 


ونختم بهذه القصة التي بينت لنا كَمْ كان الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - يطبقون هذه الآيات، ويعملون بمقتضاها، فروى الإمامُ مالك في الموطأ عن عبدالله بن دينار قال: "كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عقبة في السوق، فجاء رجلٌ يريد أن يُناجِيَه، جاء رجل عند ابن عمر، وابن عمر يريد أن يناجيه، وليس مع ابن عمر أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلاً آخر من السوق حتى كُنَّا أربعة، ثم قال لي وللرجل الثالث الذي دعا استأخرَا شيئًا، واستأخرَا من التأخر؛ حتى يبلغ المناجي مرادَه، تأخر أنت والرابع شيئًا؛ حتى أتمكن من كلام هذا الرجل الذي معي، فإني سَمِعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لا يتناجى اثنان دون الثالث))".


 


فنسأل الله العظيم أن يَجعلنا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]، اللهم اغفر لنا ذنوبَنا، وإسرافنا في أمرنا، وثَبِّت أقدامنا، وانصُرنا على القوم الكافرين.


 


اللهم حَرِّر بلادَنا، اللهم انصُر المؤمنين المستضعفين في العراق وفي بُلدان المسلمين، اللهم فَرِّج عن المعتقلين، اللهم أخرجهم سالمين، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].



شبكة الألوكة



Bookmarks
Digg del.icio.us StumbleUpon Google

Quick Reply
Decrease Size
Increase Size
Insert bold text Insert italic text Insert underlined text Align text to the left Align text to the centerr Align text to the right Justify text Insert quoted text Code Insert formatted PHP code Insert formatted SQL code
Colors
Insert hyperlink Insert image Insert email address
Smilies
Insert hidden text



Forum Jump: