Post: #1
|
|||
ahmeddodo Joined: 07-10-2014 Posts: 2,360 Country: |
العلاج العجيب بسم الله الرحمن الرحيمالعلاج العجيب
نص الخطبة: الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد عباد الله.. أيها المسلمون: فلقد تفشت الأمراض وتنوعت في هذا الزمان، بل واستعصى بعضها على الأطباء، رغم وجود العلاج إذ ما جعل الله داء إلا جعل له دواء، لكن جُهل لحكمة أرادها الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه ابن ماجه: " تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ ".
ولعل من أكبر أسباب هذه الأمراض: المعاصي والمجاهرة بها، لذلك تحل بالعباد فتهلكهم بقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30]. ومنها امتحان الله لعباده في هذه الدنيا المليئة بالمصائب والأكدار الطافحة بالأمراض والأخطار.
ولما رأيت المرضى يصارعون الألم، وأصحاب الحاجات يكابدون الآهات، ويطرقون كل الأبواب ويفعلون كل الأسباب وقد تاهوا عن باب رب الأرباب، لذا كانت هذه الكلمات أهديها لكل مريض لأبدد بها أشجانه وأزيل بها أحزانه، وأعالج بها أسقامه:
فيا أيها المريض الحسير يا أيها المهموم الكسير، يا أيها المبتلى الضرير، سلام عليك قدر ما تلظيت بجحيم الحسرات عليك، عدد ما سكبت من العبرات سلام عليك، عدد ما لفظت من الأنات. قطعك مرضك عن الناس وألبست بدل العافية البأس، الناس يضحكون وأنت تبكي، لا تسكن آلامك ولا ترتاح في منامك، وكم تتمنى الشفاء ولو دفعت كل ما تملك ثمنًا له.
أخي المريض: لا أريد أن أجدد جراحك، وإنما سأصف لك دواءً ناجحًا، وسأريحك بإذن الله من معاناة سنين، إنه العلاج العجيب: إنه موجود في قوله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» (حسنه الألباني في صحيح الجامع). ومن هنا جاء توجيه سيدنا علي: (الصدقة دواء منجح)، فبها يصرف الله عنك البلاء، ويفتح عليك أبواب الخير والسعادة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
نعم يا أخي! إنها الصدقة بنية الشفاء، يقول ابن القيم: " فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعًا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرُّون به لأنهم جربوه".
الصدقة تدفع عن الناس الخوف والبلايا.
الصدقة سلاح فعال يتسلح به في معترك الحياة والمواطن العظام، تحمى الناس من المصائب، والشدائد، وترفع عنهم البلايا والآفات، وتعيد العافية والصحة بعون الله تعالى، ولقد فزع الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لخسوف الشمس، فأرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى الدعاء والصدقة فقال: "فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا"؛ [متفق عليه].
وقال ابن دقيق العيد معلقًا على الحديث: "وفي الحديث دليل على استحباب الصدقة عند المخاوف لاستدفاع البلاء المحذور".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة"؛ [رواه البيهقي].
ومن التجارب: ما قاله منصور بن عمار: "لما قدمت مصر كانوا في قحط، فلما صلَّوا الجمعة ضجُّوا بالبكاء والدُّعاء فحضَرتني نية فصرت إلى الصحن، وقلتُ: يا قوم تقرَّبوا إلى الله بالصدقة فما تُقرب بمثلها، ثم رميت بكسائي وقلت: هذا جهدي فتصدَّقوا، حتى جعلت المرأةُ تُلقي خرصها حتى فاض الكساءُ، ثم هطلت السَّماء وخرجوا في الطين، فدفعت إلى الليث وابن لهيعة فنظروا إلى كثرة المال فوكلوا به الثقات، ورحت أنا إلى الإسكندرية، فبينا أنا أطُوفُ على حصنها إذا رجل يرمقني قلت: مَالك؟ قال: أنت المتكلمُ يومَ الجمعة؟ قلت: نعم قال صرتَ فتنةً قالوا: إنك الخضر دعا فأجيب قلت: بل أنا العبد الخاطئ فقدمت مصر فاقطعني الليث خمسة عشر فدانًا (وفي رواية أخرى قال: وأخرج لي جارية تعدل قيمتها ثلاثمائة دينار وألف دينار وقال: لا تُعلم ابني فتهون عليه"، وثمة قصص كثيرة في هذا الباب كما تراها في كتاب "البداية والنهاية" وغيره من كتب التاريخ.
الصدقة شفاء ودواء للأمراض الحالة: من طبيعة الصدقة أنها تداوى جميع الأمراض وتعالجها وتذهبها، كما دلت على ذلك التجارب القديمة والحديثة، ولكن يحصل ذلك بحسب استعداد النـفس، ومدى قوة إيمانها وتصديقها. يقول المناوي: " وقد جرب ذلك الموفقون - يعنى التداوي بالصدقة- فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه".
من تجارب من قد عافاهم الله بسبب الصدقة: أبو بكر الخبّازي، حيث يقول: مرضت مرضًا خطرا، فرآني جارٌ لي صالح، فقال: استعمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة»، وكان الوقت ضيقًا، فاشتريت بطيخًا كثيرًا، واجتمع جماعة من الفقراء والصبيان، فأكلوا، ورفعوا أيديهم إلى الله عز وجل، ودعوا لي بالشفاء، فوالله ما أصبحتُ إلا وأنا في كل عافية من الله تبارك وتعالى.
وروى البيهقي بسنده عن ابن المبارك؛ أن رجلًا سأله: يا أبا عبد الرحمن! قرحةٌ خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجتُ بأنواع العلاج، وسألتُ الأطباء فلم أنتفع به! فقال: اذهب فانظر موضعًا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرًا، فإني أرجو أن تنبع هناك عينٌ ويُمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرأ. ثم قال البيهقي عقب هذا الأثر: وفي هذا المعنى حكاية قرحة شيخنا الحاكم أبي عبد الله رحمه الله، فإنه قرح وجهه، وعالجه بأنواع المعالجة؛ فلم يذهب، وبقي فيه قريبًا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبو عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له، وأكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس؛ بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله، فأمر بسقاية الماء فيها، وطرح الجمد – أي الثلج - في الماء، وأخذ الناس في الماء، فما مرت عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين.
ويذكر أن رجلًا أصيب بالسرطان، فطاف الدنيا بحثًا عن العلاج فلم يجده، فتصدق على أم أيتام فشفاه الله.
ربما تكون قد تصدَّقت كثيرًا، ولكن لم تفعل ذلك بنية أن يعافيك الله من مرضك، فافعل الآن ولتكن واثقًا من أن الله سيشفيك، أشبع فقيرًا أو اكفل يتيمًا، أو تبرع لوقف خيري أو صدقة جارية. إن الصدقة لترفع الأمراض والأعراض من مصائب وبلايا، وقد جرب ذلك الموفقون من أهل الله، فوجدوا العلاج الروحي أنفع من العلاج الحسي، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج بالأدعية الروحية والإلهية، وكان السلف الصالح يتصدقون على قدر مرضهم وبليتهم، ويخرجون من أعز ما يملكون فلا تبخل على نفسك، إن كنت ذا مال ويسار فها هي الفرصة قد حانت.
عباد الله: للعلاج بالصدقة آداب، ينبغي للمريض الذي يريد الشفاء منها النية، يتصدق بنية الشفاء، لأن النبي في الحديث الذي رواه البخاري، يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، تتصدق بنية الشفاء، وإذا نويت تكون جازمًا واثقًا بالله بأنه سيشفيك أو سيشفي مريضك.
وأن تكون الصدقة من المال الطيب، فالله طيب لا يقب
ل إلا طيبا، قال الله – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].
وأن تعطى محتاجًا صالحًا تقيًّا تعينه على طاعة الله، ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي "، وكلما كان الفقير أشد فقرًا وحاجة للصدقة، كلما كان أثر الصدقة أكبر وأعظم.
الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
قال الله تعالى آمرًا نبيه: ﴿ قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ﴾ [إبراهيم: 31]، ويقول جل وعلا: ﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾ [البقرة: 195]، وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم ﴾ [البقرة: 254]. وقال سبحانه: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ [البقرة: 267]، وقال سبحانه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].
ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحدٍ إلاّ سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة"؛ أخرجاه في الصحيحين.
عباد الله، إن للصدقة فضائل وفوائد أخري نختصرها فيما يلي: أولًا: أنها تطفئ غضبَ الله سبحانه وتعالى، كما في قوله: "إن صدقة السّرّ تطفئ غضب الربّ تبارك وتعالى"؛ صححه الألباني في "صحيح الترغيب".
ثانيًا: أنها تمحو الخطيئة وتذهب نارها، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار"؛ صححه الألباني في صحيح الترغيب.
ثالثًا: أنها وقاية من النار، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
رابعًا: أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة، كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل امرئ في ظلّ صدقته حتى يقضى بين الناس". وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"؛ أخرجاه في الصحيحين.
خامسًا: أن فيها دواء للأمراض القلبية، كما في قوله لمن شكا إليه قسوة قلبه: "إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم"؛ رواه أحمد.
سادسًا: أن الله يدفع بالصدقة أنواعًا من البلاء، كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وآمركم بالصدقة؛ فإن مثل ذلك مثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم"، وهو في صحيح الجامع.
فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض مقرون به لأنهم قد جربوه.
سابعًا: أن المنفق يدعو له الملك كلّ يوم بخلاف الممسك، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا"؛ أخرجاه في الصحيحين.
ثامنًا: أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله، كما أخبر النبي عن ذلك بقوله:" ما نقصت صدقة من مال "؛ رواه مسلم.
تاسعًا: أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به، كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ ﴾ [البقرة: 272].
ولما سأل النبيّ عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها: "ما بقى منها؟" قالت: ما بقى منها إلا كتفها، قال: "بقي كلها غير كتفها"؛ رواه مسلم.
عاشرًا: أن الله يضاعف للمتصدق أجره، كما في قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد: 18]، وقوله سبحانه: ﴿ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].
وأخيرًا: أن صاحبها يدعى من باب خاصّ من أبواب الجنة، يقال له: باب الصدقة، كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان"، قال أبو بكر: يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم"؛ أخرجاه في "الصحيحين".
وأنها متى ما اجتمعت مع الصيام واتباع الجنازة وعيادة المريض في يوم واحد أوجب ذلك لصاحبه الجنة، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟" قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟" قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟" قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله: "ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة"؛ رواه مسلم.
أيها المسلمون، لقد كان نبيكم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ولا يخاف العَيْلَة، فلقد كان يؤتى بالذهب والفضة والنعم فيوزعها في يومه، عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرًا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.
وحدّث أبو ذر رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حَرّة المدينة فاستقبلنا أحد فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر"، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: "ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبًا تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا شيئًا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا"، عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، ثم مشى، فقال: "إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - عن يمينه وعن شماله ومن خلفه - وقليل ما هم"؛ رواه البخاري.
ولقد خرج أبو بكر من جميع ماله لله، وخرج عمر من نصف ماله، ولما نزل قول الله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قال أبو طلحة: إن أحب أموالي إلي بَيْرُحَاء، وإني قد جعلتها لله، فضعها ـ يا رسول الله ـ كيف شئت، فقال: "بَخٍ بَخٍ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح".
اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك وبطاعتك عن معصيتك، اللهم قوِّ إيماننا وارفع درجاتنا وتقبل صلاتنا يا رب العالمين. اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وبطاعتك عن معصيتك، اللهم قوِّ إيماننا، وارفع درجاتنا، وتقبل صلاتنا يا رب العالمين. هذا، وصلوا وسلموا على البشير النذير، والسراج المنير، محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...وأقم الصلاة. |
||
|
|||
|
Bookmarks | ||||
|
|