You are Unregistered, please register or login to gain Full access
Recover Password: via Email | via Question
Thread Options  Search this Thread  
Post: #1
29-03-2021 09:50
ahmeddodo


Joined: 07-10-2014
Posts: 2,360
Country: Egypt
Male ahmeddodo is Offline now
استعد.. لتنطلق.. فتفوز في رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته



اللهم ارزقنا الصبر عند البلاء ، والرضا بالقضاء



اللهم لا عظيم الا انت ولا رحيم الا انت ولا كريم الا انت ولا معطي



 الا انت ولا اله الا انت


استعد.. لتنطلق.. فتفوز في رمضان
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فمع اقتراب رمضان ينتشر في النت ووسائل الاتصال الاجتماعي منشورات أو مقالات أو تغريدات، حول استقبال شهر الخيرات وكيفية الاستعداد له، ومع هذا الانتشار تبدأ حملات النسخ واللصق، وإعادة التوجيه والمشاركة.
وهذا أمر محمود وطيب؛ من باب ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، وأيضًا: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ولكن المشكلة أن حظ أغلبنا - إلا من رحم ربي - من تلك المنشورات لا يتعدَّى مرحلة القراءة السريعة، ثم المشاركة وإعادة الإرسال، ولا أبالغ إذا قلت: إن البعض يكسل عن القراءة إذا كانت الرسالة أو المقالة طويلة بعض الشيء.
والحصيلة من كل هذا وقتٌ ضائع بلا فائدة! فلا أنت حصَّلت الاستفادة المرجوة، ولا أنت عملتَ بما تقرأ، وتمر أيام شعبان سريعًا ونحن مُلتَهون بتلك المشاركات وإعادة التوجيه، حتى نستيقظ على جملة " كل عام وأنت بخير.. غدًا رمضان"!
ونتفاجأ بأن رمضان قد دخل علينا وهلَّ هلالُه ونحن لم نبدأ بعدُ في الاستعداد له كما ينبغي! فتمر علينا أيامُه ولياليه ونحن نحاول أن ننجز ونُجاهد، ولكن نستشعر صعوبة كبيرة ونتساءل: لماذا؟!
مشهد (1)
هل رأيتَ يومًا فلاحًا يحصد ثماره قبل أن يَحرث الأرض ويبذر البذور في التربة ويسقي أرضه ويُراعيها؟
هذا أمر منافٍ للعقل وللطبيعة.. هكذا رجب وشعبان بالنسبة لرمضان؛ فكما قيل: إن رجب شهر البَذْر، وشعبان شهر السَّقي، ورمضان هو شهر الحصاد.
ففيه أحصد ثمرة تعبي وجهدي في شهرين سبَقا.
يقول القائل:
أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ  

لتطهير القلوب من الفسادِ  

فأدِّ حقوقَه قولاً وفعلاً  

وزادَك فاتخِذْهُ للمَعادِ  

فمَن زرع الحبوبَ وما سَقاها  

تأوَّه نادمًا يوم الحصادِ  

انتبه: شهر رمضان ليس شهر البذر والسقي؛ بل هو شهر حصاد الثمار!
مشهد (2)
ماذا يحدث للاعب كرة القدم الذي ينزل الملعب بدون تسخين؟
ينزل الملعب بهمَّة وحماس وهو يُمنِّي نفسه بعدة أهداف، فلا يلبث إلا أن يُصاب بشدٍّ عضلي يؤذيه ويجعله يتوقف عن اللعب، ويتم استبدال لاعبٍ آخرَ به.
هكذا الحال بالضبط مع من لا يستعد لشهر الخيرات؛ فالبعض يظلُّ يؤجل الاستعداد، ويؤجل، حتى يدخل الشهر، فيبدأ الشهر بهمة عالية؛ صيام، صلاة نوافل، تراويح، قيام ليل... و.. و.. و
ثم.. مع مرور أيام الشهر الفضيل يُصاب بالتعب والإرهاق، ويبدأ الإقلال من الطاعات شيئًا فشيئًا، حتى يتوقف تمامًا إلا عن الفرائض، وهذا الأمر مُلاحَظ، ومساجدنا خير دليل على ذلك.
فنجد في أول أيام رمضان المساجد تعجُّ بالمصلين، حتى لا يجد المرء مكانًا لقدمه، ثم يبدأ هذا العدد بالتناقص رويدًا رويدًا، ثم إذا كانت الليلة الأخيرة من الشهرلم نجد إلا بعض الصفوف القليلة، ولا حول ولا قوة إلا باللهَ
انتبه: شهر رمضان ليس شهر التمرين والتسخين!
بل هو شهر الفوز بالأهداف.
مشهد (3)
حُدد موعد زفافها بعد شهرين، واكتفَت هي بالنظر في المجلاَّت والكاتالوجات؛ تُبدي إعجابها بهذه القطعة، أو تلك، وتَعزم على اقتنائها بدون أن تَقوم بعمل حقيقي لتحقيق رغبتها! وتمر أيامها ولياليها في التمني والتأجيل، حتى يأتي يوم زفافها ولم تستعدَّ بعد!
ولمَ العجب؟ هذا ما نفعله نحن تمامًا مع الشهر الفضيل.
انتبهي: شهر رمضان ليس شهر التجهيز والاستعداد!
بل هو شهر الإنجاز ورؤية النتائج.
فكما لا ثمار بدون بذور وسقي، ولا أهداف بدون تسخين وتمرين، ولا عرس بدون تجهيزات - فهكذا رمضان.. فيا مَن يرغب بالفوز في رمضان استعد!
قال ابن القيم رحمه الله:
حذار حذار من أمرين لهما عواقب سوء:
أحدهما: رد الحق لمخالفته هواك؛ فإنك تُعاقَب بتقليب القلب، وردِّ ما يَرد عليك من الحق رأسًا، ولا تقبله إلا إذا برَز في قالب هواك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ... ﴾ [الأنعام: 110] الآية.
والثاني: التهاون بالأمر إذا حضَر وقته؛ فإنك إن تهاونتَ به ثبَّطَك الله وأقعدك عن مَراضيه وأوامره؛ عقوبةً لك، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].
فمن سَلِم من هاتين الآفتين والبليتين العظيمتين فلْتَهْنِه السلامة"؛ انتهى كلامه رحمه الله تعالى[1]
ومن هنا عُلم أنه لا بد من الاستعداد لشهر رمضان قبل دخوله؛ حتى لا تُعاقَب بالتثبيط عن أفعال الخير، والتخذيل عن زيادة الطاعات في رمضان، وافهم الآية في ضوء هذا الكلام أنَّ كراهية الله انبعاثهم وتثبيطهم كانت نتيجةَ عدم استعدادهم أصلاً، وعدم صدق رغبتهم في ذلك، أما إذا استعد الإنسان للعمل وتجهز لأدائه وأقبل على الله راغبًا إليه؛ فإن الله سبحانه أكرمُ من أن يرد عبدًا أقبل عليه"[2].
وقد يرد سؤال: هل فات الأوان لاستدراك ما فاتني؟
والجواب: لا، إن شاء الله؛ فما زال على رمضان عدة أيام، ولم يفُت الأوان بعد، والفرصة ما زالت سانحة للاستعداد بقوة؛ لجني ثمرات هذا الشهر العظيم؛ بل وربما سبقتَ بصِدق عزيمتك وإخلاصك لله عز وجل مَن استعد قبلَك بشهور! فأبشِر، وابدأ من الآن بقوة وعزيمة وإصرار.
كيف أستعد؟
الذكي من يستغلُّ شهر رمضان وغيرَه من المواسم الفاضلة، والشقيُّ من تفوت عليه ولا يَدري أنها حلَّت أو ارتحلت، وإن لله سبحانه في أيام الدهر نفحات فمن تعرَّض لها يوشك أن تصيبه نفحة؛ فلا يَشقى بعدها أبدًا، وشهر رمضان ضيف يحتاج إلى استعداد، وموسمٌ كبير يحتاج إلى ملء الأوقات بذكر ربِّ البريات[3].
1- التوبة النصوح:
أول ما نستعد له هو تجديد التوبة لله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
وكان من هَدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر ويتوب إلى الله عز وجل في اليوم ما يَقرب من مائة مرة
فإذا سأل سائل: من ماذا أتوب
نقول: كل إنسان منَّا يَعلم له ذنبًا يبعده عن الله عز وجل؛ فقد يكون مشاهدة المسلسلات والأفلام هي ما يحول بينك وبين الله عز وجل، وقد يكون النظر للمتبرجات، أو قد تكون أمراضٌ قلبية في نفسك من عُجب أو رياء أو حبٍّ للظهور، وقد يكون تضييع الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ كالفيس بوك والتويتر والواتس وغيرها..
بل ولعله يكون التوسع في المباحات من فُضول الكلام والنظر والنوم وغيرها؛ فإنه من أوسعِ مداخل الشيطان
ففتِّش في نفسك وابحث ما الذي يحول بينك وبين الطاعات، فأقلِع عنها فورًا وتب إلى الله عز وجل توبة نصوحا، وادخل رمضان بقلب نقي، ليس فيه تعلق بمعصية قد تحول بينك وبين الفوز في رمضان
2- الدعاء:
كم من أناس كانوا معنا في العام الماضي وقد رحَلوا هذا العام، وقد كانوا يظنون أنهم سيستقبلون رمضان معنا؟
لم يتبقَّ على رمضان إلا أيامٌ معدودات، ولكن هل يستطيع أحدنا أن يجزم أنه سيبلغ رمضان؟
إن بلوغ شهر الصيام نعمة عظيمة تحتاج منا لدعاء أن يبلغنا الله إياه؛ قال معلَّى بن الفضل: "كانوا (السلف) يدعون الله تعالى ستَّة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم".
وقال يحيى بن أبي كثير: "كان مِن دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً".
فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خيرٍ في دينه، في بدنه، ويدعوه أن يُعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله.
3- ترك الكسل والدَّعةِ والتسويف:
وهذه والله آفةٌ عظيمة؛ فكم من مرات قلنا: سنفعل، وسوف نفعل، فنكون لقمة سائغة للشيطان! يُمنِّينا ويجعلنا نسوف حتى يَضيع العمر بلا عمل، فتكون خسارة الدنيا والدين؛ فقد روى ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن ابن بجاد السلمي أنه قال: "أنذرتُكم: سوف أقوم، سوف أصلي، سوف أصوم"[4].
فالكل يعلم فضائل هذا الشهر العظيم، ونعلم أننا لا بد لنا من الاستعداد، ومع ذلك لا يستعد بالفعل إلا القليل، والكثير يسوِّف ويؤجل حتى يَدخل الشهر وهو لم يعمل شيئًا، وقد استعاذ نبيُّنا من هذه الآفة العظيمة لما فيها من خراب لحياة المسلم وآخرته، فعلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرًا نقوله قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)) [5]
وكم من شابٍّ أو فتاة يرتعون في الكسل، فلا يعمَلون ولا يتحركون، ثم يشتَكون من الفتور وعدم الخشوع وقسوة القلب!
ولا يعلم أن دواءه في يده؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].
فالحل بيدك؛ استعذ بالله، واستعن به سبحانه، وقم للعمل الآن، بلا تسويف أو كسل
ولا تنسَ الإكثار من "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإن فيها قوةً عجيبة تعين؛ لأنك بقولها تظهر فقرك وضعفك إلى الله، والتمسك بقوة الله وحده، وهنا يُعينك الله، وتَسهُل عليك العبادة.
4- الاستعداد بالطاعات:
فإذا أردت أن تدخل رمضان بهمة عالية فلا بد من تمارين العزيمة والهمة، وهذه التمارين تعتبر استعدادًا حقيقيًّا عمليًّا قبل رمضان؛ تروَّض فيها النفس، فتتعود على الطاعة وتألَفُها، حتى إذا دخل رمضان كانت نفسك لينة منقادة لك، فلا تخالفك فيما تُطالبها به من طاعات
ومن هذه الطاعات:
♦ الصيام:
وهو أول ما يجب أن يتدرب عليه العبدُ قبل دخول رمضان، خاصة في هذا الزمن الذي طال فيه النهار، وقصر فيه الليل، وزاد فيه عدد ساعات الصيام، مع شدة الحر، فيصبح الصيام شاقًّا على النفس متعبًا لها.
فلا بد من تمرين النفس على هذه الطاعة، وقد كان هذا من هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصيام عند الله عز وجل؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لم أرَك تصوم شهرًا مِن الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شهر يَغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفَع عملي وأنا صائم))؛ رواه النَّسائي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كلَّه))؛ رواه البخاري.
ولا ننسَأن نذكِّر أخَواتنا وبناتنا بإبراء ذمَّتهم لله عز وجل من الصيام الواجب عليهم.
فإذا كان عليها أيامٌ من رمضان السابق فلتُسرع بصيامها قبل دخول رمضان التالي؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سمِعت عَائشَة رضي الله عنها تقول: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"ويؤخذَ مِن حِرصها على ذلك في شعبان أنه لا يَجوز تأخيرُ القضاء حتى يدخل رمضان آخر".
فما زالت الفرصة سانحة أمامك، إذا لم تكوني بدأت فابدئي من الغد واحتسبي.
فالحمد لله الذي هيَّأ لنا سُنَّة صيام شعبان لنتعلَّم صيانة الصيام وتدريبَ النفس عليه؛ لنكون على استعداد للفوز ببركات رمضان وأجره.
♦ قراءة القرآن:
يقول أنس بن مالك صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان المسلمون إذا دخَل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرَؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم؛ تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان.
وقال أحد السلف: شعبان شهر القُرَّاء، فالذي تعوَّد على المحافظة على وِرده القرآني قبل رمضان سيُحافظ عليه إن شاء الله في رمضان.
وإني لأَعجَب من أناسٍ يَهجرون كتاب الله عز وجل بالشهور، ثم يُريدون أن يختموا في رمضان مرتين وثلاثة وأربعة! كيف هذا وأنت لم تتعود ولم تُصاحب كتاب الله عز وجل لشهور؟!
اجعل بينك وبين القرآن علاقة وثيقة، واعلم أن كثرة البعد عنه تُصيب القلب بالصدأ، ولن يزول إلا بالعودة إليه وتلاوته؛ فالقرآن في حدِّ ذاته شفاءٌ للصدور؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].
ولا شك أن البداية ستكون صعبة، ولكن إذا قاومت وصممت وعزمت، فسيَفتح الله عليك وتستشعر لذة وحلاوة آيات الله عز وجل؛ فقراءة القرآن في شعبان تزيل صدأ الشهور الماضية، حتى يَستنير القلب، ويصبح محلاًّ طيبًا لتأثير القرآن بالهدى والتقى والنور في رمضان.
♦ قيام الليل ولو ركعتين:
إذا لم تستطع الاستيقاظ قبل الفجر فليَكن قيام ليلك بعد صلاة العشاء، وقد أوصى النبيُّ عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة أن يوتِرا أول الليل؛ قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك لأنهما يَشتغلان بالعلم في أول الليل، ويَصعُب عليهما القيام في آخر الليل.
فلا تغفل عنه ولو بما تيسَّر لك، حتى إذا دخل رمضان كانت صلاة التراويح هينة وميسَّرة لك.
5- احفظ سمعك وبصرك ولسانك:
الاستعداد لرمضان فرصة رائعة للتعود على عادات جيدة، وترك معاصٍ لم نكن نتخيل أننا قد نستطيع الابتعاد عنها.
فجاهِد نفسك واحفظ سمعك وبصرك ولسانك، فلا تسمع إلا طيبًا، ولا تشاهد إلا حسنًا، ولا تتكلم إلا بخير.
والنفس البشرية تحتاج لبذل مجهود، وقد تجد منها في البداية ممانعة وتفلُّتًا، فلا تيئس واعلم أن الحلم بالتحلُّم والصبر بالتصبر، حتى إذا جاء رمضان ستجدها قد انصاعَت لك وانقادت لرغباتك، ووقتَها تخرج من رمضان وقد حقَّقتَ ثمرة عظيمة من ثمراته وهي التغيير، فتخرج من رمضان غيرَ ما دخَلت، فهنيئًا لك!
6- تحديد الأهداف:
وأقصد بتحديد الأهداف: ما الذي تريد تحقيقه في رمضان؟ وكيف تريد الخروج منه؟
فإذا أراد شخصٌ ما القيامَ بمشروع من مشاريع الدنيا فإنه يقوم بعمل دراسة مستفيضة لهذا المشروع من جميع جوانبه، وعمل خطة مرتبة ومنظمة؛ لتحصيل أقصى قدر من الربح فيه.
هذا في أمور الدنيا؛ فكيف بنا ونحن أمام مشروع ضخم، قد يكون فيه فوزك بجنة عرضها السماوات والأرض؟!
ومن أعظم هذه الأهداف:
♦ التقوى:
وهي الثمرة العظيمة والغاية الأسمى من الصيام؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ في التفسير الميسَّر: أي لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية؛ بطاعته وعبادته وحده، تتقي الله تراقبه وتستشعر نظرَه إليك في يوم صومك، يكون أمامك الطعام والشراب وأنت وحدك وجائع، ومع ذلك لا تقترب منه.. لماذا؟
لأنك تراقب الله عز وجل وتَعلم أن الله يراك.
فشهر رمضان هو دورة تأهيليَّة مكثَّفة، تعيش ثلاثين يومًا صيامًا، ثلاثين يومًا صلاة في المسجد بنوافلها، ثلاثين يومًا تراويح بعد العشاء، ثلاثين يومًا صلاةَ تهجُّد وقيامَ ليل، ثلاثين يومًا تُراقب الله عز وجل في أفعالك وأقوالك، ثلاثين يومًا لا تقترب من المعاصي؛ خشية لله وخوفًا على صيامك أن يضيع...
تدريب على تقوية النفس في مواجهة شهواتها؛ فبصيامك في رمضان تَمتنع عن المباحات التي أحلَّها الله لك، وتجاهد نفسك وتروِّضها على الصمود بكل قوة، فهل بعد رمضان تضعف أمام المحرمات؟!
سيكون رمضان بالنسبة لك قفزة نوعية في علاقتك بالله عز وجل، تغييرًا كاملاً في عباداتك وطاعتك له سبحانه، تَظهر آثارها في ثباتك على الاستقامة بعد رمضان، فإذا فعلتَ ذلك فقد فُزتَ وأفلَحت.
♦ العتق من النار:
من أول الأهداف وأعظمِها والتي لا بد أن تضعها نُصب عينيك في رمضان هي "العتق من النار" فو الله مَن يَناله نال فوزًا عظيمًا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عتقائه من النار.
العتق من النار يَعني النجاة من النار والفوز بالجنة؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185].
قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله تعالى عتقاء في كل يوم و ليلة - يعني: في رمضان - وإنَّ لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة))[6].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله عز وجل عند كل فطرٍ عُتقاء)) [7].
فوالله إنها لفرصة عظيمة منَّ الله عز وجل بها علينا في هذا الشهر الجليل؛ شهر تتنزل فيه الرحمات، وتسجر فيه النار، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتصفَّد فيه الشياطين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحريٌّ بمن دخل شهر رمضان ألا يخرج منه إلا وهو من عتقاء الله من النار.
♦ غفران الذنوب:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) [8].
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري: "المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه، وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى، وقال الخطابي: احتسابًا؛ أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيِّبةً نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه". اهـ.
وقال المناوي في "فيض القدير": مَن صام رمضان إيمانًا: تصديقًا بثواب الله أو أنه حق، واحتسابًا لأمر الله به، طالبًا الأجر أو إرادة وجه الله، لا لنحو رياء، فقد يفعل المكلَّف الشيءَ معتقدًا أنه صادق، لكنه لا يفعله مخلصًا؛ بل لنحو خوف أو رياء.
وقال الإمام النووي: معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حقٌّ مقتصد فضيلته، ومعنى احتسابًا: أنه يريد الله تعالى، لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص.
ولكن لا بد من التنبيه أن تلك الذنوب التي يغفرها الصيامُ وغيرُها من الطاعات هي الذنوب التي بينك وبين الله عز وجل، أما ما كان بينك وبين الخلق فلا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة.
♦ قيام ليلة القدر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
اجعل تلك الليلة نُصبَ عينك، وضَعْها هدفًا عظيمًا لك في هذا الشهر، فإذا فزتَ بها فُزتَ بخير عظيم؛ قال تعالى في سورة القدر: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3].
فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!
فلو حرَصتَ كل الحرص على هذه الليلة فلا تَفُتك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((تحرَّوْا ليلة القدر في الوتر من العَشر الأواخر من رمضان)) [9].
فكن صاحبَ همَّة عالية ولا تكتفِ بقيام الأيام الوترية فقط من العَشر الأواخر، وإنما اعزِم على الفوز، ولا تدَع مَجالاً للصُّدف، وقُمِ اللياليَ العشر كاملة؛ فربما كان هناك اختلافٌ في الرُّؤى بين الدول الإسلامية، فما يكون عندنا ليلة وِترية تكون ليلة زوجية في دولة أخرى، فادفع عنك الكسل وتذكَّر أنها ليالٍ معدودة؛ فقط عشر ليال، وبعدها هنيئًا لك الفوز بالقبول إن شاء الله.
ختامًا.. رمضان فرصة لا تعوض، هو نفحة من نفحات الله عز وجل، والسعيد من استغلَّها وفاز بها، فاستعدَّ له جيدًا؛ فإن لم تفعل وقعتَ في الأسبوع الأول، وخسرتَ تلك الفرصة العظيمة.. فانتبه!
بلَّغَنا الله وإياكم رمضان، وأعاننا على عبادته فيه على الوجه الذي يُرضيه عنَّا.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
[1] بدائع الفوائد ص 1128.
[2] أسرار المحبين في رمضان.
[3] من كتاب استقبال شهر رمضان د/ سفر الحوالي.
[4] مصنف ابن أبي شيبة (8/ 261).
[5] رواه البخاري (1849)، ومسلم (1146).
[6] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني (2169) في صحيح الجامع.
[7] رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني (2170) في صحيح الجامع.
[8] رواه البخاري (38)، ومسلم (760).
[9] رواه البخاري


تحيتي


والله الموفق


الالوكة


 

The following 4 users say thank you to ahmeddodo for this useful post:



Bookmarks
Digg del.icio.us StumbleUpon Google

Quick Reply
Decrease Size
Increase Size
Insert bold text Insert italic text Insert underlined text Align text to the left Align text to the centerr Align text to the right Justify text Insert quoted text Code Insert formatted PHP code Insert formatted SQL code
Colors
Insert hyperlink Insert image Insert email address
Smilies
Insert hidden text



Forum Jump: