تعريف الفراسة
الفراسة إصطلاحا : هي التعرف على الخلق الباطن للانسان من الشكل الظاهر، وهو من العلوم المنطقية والتي تعتمد على الاستدلال، والاستدلال هو التعرف على ما هو مجهول من ما هو معلوم، والمجهول هنا هو الأخلاق الباطنة والمعلوم هو ملامح الوجه وتفاصيله البينة الظاهرة.
ويعرفها البعض على أنها معرفة أخلاق وطباع وأحوال البشر دون اتصال مباشر بهم أو معرفة الأمور من نظرة،
والفراسة علم عربي الأصل والجذور وهو معروف عند كل الأمم والشعوب منذ القدم .
ولعلنا نعطي نبذة سريعة عن انواع الفراسة قديما فنذكر منها :
فراسة الأثر (العيافة) : تتبع آثار الأقدام والخفاف والنعال في التربة.
فراسة البشر(القيافة) : معرفة الإنسان بالنظر إلى بشراتهم وملامحهم وأجسادهم.
فراسة ومعرفة الجبال واستنباط معادن الفلزات.
فراسة ومعرفة مصادر المياه (الريافة): من التربة والرائحة ورؤية النبات وحركات الحيوانات المخصوصة.
الاستدلال بأحوال البروق والسحاب والمطر والريح.
فراسة اللغة.
فراسة طباع وأخلاق الشعوب (جزء من فراسة وجوه البشر).
الفراسة المتعلقة بحذق المرء في صنعت.
الفراسة المتعلقة في أخلاق الحيوانات وصفاتها المحمودة والمذمومة (الخيل، الإبل..الخ).
فراسة الحس ( اللون والذوةق واللمس ).
فراسة السلوك والمزاج والأصوات والأحوال النفسية.
وهناك الكثير من العرب الذين برعوا في الفراسة ولهم كتابات في ذلك أمثال الإمام فخر الدين الرازي في كتاب الفراسة والإمام شمس الدين محمد الأنصاري في كتاب السياسة في علم الفراسة وغيرهم من علماء المسلمين أمثال ابن سينا و ابن قيم الجوزية والإمام الشافعي
و يروي الأدب العربي المئات من القصص والحوادث عن الفراسة التي تبين مقدرة الإنسان العربي في التفرس ولعل قصة الإمام الشافعي مع الفراسة من اشهرها:
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى في (( آداب الشافعي ومناقبه )) ص(96-97) : " ثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النيسابوري ، عن أبي بكر بن إدريس - وراق الحميدي - : سمعت الحميدي ، يقول : قال محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه :
خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في طريقي وهو محتبٍ بفناء داره ، أزرق العينين ناتئ الجبهة سِنَاط – قال محقق الكتاب : هو الكوسج الذي لا لحية له أصلاً كما في المختار - .
فقلت له : هل من منزل ؟
قال : نعم .
قال الشافعي : وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة !!
فأنزلني ، فرأيت أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيبٍ وعلفٍ لدابتي وفراشٍ ولحاف ، فجعلت أتقلَّبُ الليل أجمعَ : ما أصنع بهذه الكتب ؟ إذ رأيت هذا النعت في هذا الرجل ، فرأيت أكرم رجل ؛ فقلت : أرمي بهذه الكتب !!
فلما أصبحتُ قلتُ للغلام : أسرِج ، فأسرَج .
فركبت ومررتُ عليه ، وقلت له : إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي .
فقال لي الرجل : أمولى لأبيك أنا ؟! قلت : لا !
قال : فهل كانت لك عندي نعمة ؟! قلت : لا !!
قال : أين ما تكلفتُ لك البارحة ؟!
قلت : وما هو ؟!
قال : اشتريتُ لك طعاماً بدرهمين ، وإداماً بكذا ، وعطراً بثلاثة دراهم ، وعلفاً لدابتك بدرهمين ، وكراءُ الفراش واللحاف درهمان .
قال : قلتُ : يا غلام أعطه ، فهل بقي من شيء ؟!
قال : كراء المنزل ، فإني وسَّعتُ عليك وضيَّقتُ على نفسي (!!)
قال الشافعي : فغبطت نفسي بتلك الكتبِ !
فقلت له بعد ذلك : هل بقيَ من شيء ؟!
قال : امض أخزاك الله ، فما رأيت قط شراً منك (!!) " .
وقد أخذ الأوروبيون الفراسة عن العرب وتطورت واصبحت علوم قائمة بذاتها وإن إختلفت أسماؤها وتعددت تقنياتها فهي
تندرج تحت علم الفراسة . ونذكر منها على سبيل المثال:
فراسة الوجوه (علم الفيسيونومي)
فراسة الإيماءات والحركات (علم الكينيسيكز) وفيه فراسة الإحساس والنبرات والهيئات والمظهر والوضعيات..الخ.
فراسة خط اليد (علوم الجرافولوجي، الجرافونومي، والجرافوثيرابي).
فراسة الألوان (سيكولوجية الألوان، تفسير ألوان الهالات النورانية).
الفراسة المتخصصة (يعرفها الشخص مع الخبرة والتجربة والدراسة في مجال العمل: بائع العسل، بائع الذهب والألماس، بائع العطور والأطياب، العطار أو بائع الأعشاب، الطبيب أو الجراح، المهندس، خبير الأرصاد، خبير تتبع الأثر الجنائي، عالم تصنيف النبات أو الحيوان، فني السيارات، فني الكمبيوتر...الخ)