الفرق بين كلمة (مصر) و(مصراً)
د. صلاح الخالدي
.................
ورد اسم (مصر) على أنها القطر المعروف في أربعة مواضع من القرآن الكريم وتكون مصر فيها ممنوعة من الصرف للعلمية، وفيما يلي مواضعها:
(1) {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف، الآية: 21].
(2) {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [سورة يوسف، الآية: 99].
(3) {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [سورة الزخرف، الآية: 51].
(4) {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} [سورة يونس، الآية: 87].
والمراد بكلمة مصر في هذه المواضع الأربعة هو القطر المعروف الذي يجري فيه نهر النيل وعاصمته القاهرة. كما أن أحداث قصة يوسف عليه السلام جرت في مصر، وكذلك المعركة بين موسى عليه السلام وفرعون.
أما كلمة (مصراً) فقد وردت في القرآن مرة واحدة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [سورة البقرة، الآية: 61] وكلمة (مصراً) المصروفة في الآية ليست هي الإقليم المعروف وإنما هي نكرة تنطبق على أي قطر أو مصر.
ومعنى مصر في اللغة هو القطر أو المدينة أو القرية. جاء في المفردات للراغب الأصفهاني: "المصر اسم لكل بلد محصور أي محدود، والمصر هو الحد". عنى قول موسى عليه السلام لبني إسرائيل: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} [سورة البقرة، الآية: 61] أن ما تطلبونه غير متوفر في الصحراء فاذهبوا إلى أي مصر أو بلد أو قرية فستجدون فيها ما تريدون. ونلاحظ أن تنوين كلمة (مصراً) هنا هو تنوين التنكير وهو الذي يلحق النكرة تمييزاً لها عن المعرفة.
الخلاصة:كلمة (مصراً) المصروفة في القرآن لاتعني الإقليم المعروف بل تعني أي قطر أو إقليم أو بلد. وتنوينها تنوين تنكير للدلالة على العموم.