[b]زفرة الموت[/b]
آخر الزفرات
مَصـائبُ حلّت إثرهنَّ مَصائبُ*** وعُصبـةِ حزنٍ تَقتفِيـها عَصائبُ
وليلٍ كَأنَّ الصُّبـحَ قدْ ماتَ قَبلَهُ *** لهُ مِنْ صَنَـادِيدِ الهمـومِ كَـتائبُ
تُهاجمُ مغلـولَ اليَدَيْنِ مُلجَّـمًا*** قَعِـيدًا بلا سيفٍ فكيفَ يُحـاربُ
فقلتُ له يا ليـلُ هلْ لكَ آخرٌ*** فأفْغَـرَ فـاهًا قَدْ مـلاهُ التثـاؤبُ
وأَسْـرَابِ أسقامٍ سَرَتْ في جوانحي *** بأَنـْوَاعِ آلامٍ لهـنّ صَـواحبُ
تَجَـرَّعتُ أصنافَ الدواءِ بأسـرِها *** عَقَـاقيرُ مُرٍّ لم يُسِغْهنّ شـاربُ
شَـرابٌ وأَقْراصٌ وحَقْـنٌ بإبرةٍ*** تَجـاربُ طبّ أَتبعتْـها تَجـاربُ
وحُمَّى عشارٍ أَنَجَـبَتْ أَلْـفَ علّـةٍ *** بِصَدْرِي وَقَدْ ضاقَتْ بِهِنَّ التَّرَائِبُ
وغُـرْبَةِ سُـوءٍ في محـلِّ إِقَامَـتي *** ببلدةِ شُؤْمٍ لَيْـسَ فيـها أَقاربُ
ووَحْشَةِ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ مَعِي سوى *** حَـوائطُ صمّاءٌ فمَنْ ذا أُخـاطبُ
وأَعْبَـاءِ دَينٍ قدْ تَحَمَّـلْتُ عَنْ أَبِي *** كظُلمـةِ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهِ كَـواكبُ
ومَـالٍ قَلِيـلٍ قدْ جَمَعْـتُ لِمحْنَتي *** أَتاه بِجُنـحِ اللَّيـلِ لِـصٌّ وناهبُ
وعُمْرٍ مَضَـى مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ تُعينني *** ولا وَلدٍ يَدْعُـو ولَيـْسَ يُحاسِبُ
وعَيْنَيْنِ قَدْ جَـادَا بِمَا كَانَ فِيهِمَا *** مِنَ الدَّمْعِ فاسْتَعْصَتْ عَلَيْها المذاهبُ
ومَوْتٍ تَأَبَّى عِنـدما صَـارَ مُنْيةً*** أَفِـرُّ إِلَيهِ وهْـوَ مِنِّـي يُجَـانبُ
وقَـولِ جُموعِ القَـارِئِينَ لِزَفْرَتِي*** ألا أيُّهـا الشَّيخُ الكَـريمُ المَنَاسِبُ
أَتَشْكُو وأنتَ الشَّيخُ والشَّيخُ قُدوةٌ *** وإِن يَعْلَمُوا مَا حـلَّ بِي لَمْ يُعَاتِبُوا
يقولون يا عيـد بن فهمي تجلُّدًا *** وصَـبْرًا جَمِيلاً لا تَهِـنْك النَّوائبُ
وما يَستوي شَاكِي الخطُوبِ وسَامعٌ *** ولا قَـارِئٌ للنَّائِبـاتِ وكَاتبُ
وأَصْحابِ خِبٍّ في الرَّخاء مَلَلْتُهمْ *** رَأَوْا محْنَتِي فَرُّوا فَلَمْ يَبْقَ صَاحبُ
ألا كُـلُّ شَيْءٍ مَا خَلا الله باطـلٌ *** وكُلُّ خَلِيلٍ في سوى الله كاذبُ
شَكَـوْتُ إِلى رَبِّي ولَيْسَ لِغَيْـرِهِ*** وعِندَ الكَريمِ البَرِّ تُرجَى المطـالبُ
فإن يَرْضَ عنّـي لم أُبَالِ بِخَلْـقِهِ *** وويلي إِذا أَرْضَيْتُهم وهْوَ غاضبُ
حَنَانَيْكَ رَبِّ كاشـفَ الضُّرِّ والأَذَى *** فإِنْ كانَ ذَا ذَنْبًا فإِنِّي لتائبُ
وإِنْ كانَ ذَا فَضْـلاً وخَيْرًا ورِفْعَةً *** فرُحْمَـاكَ عَبْدًا أَنْهَـكَتْهُ المتاعبُ
ومَنْ يَكْتَسِبْ إِثْمًا فشَرٌّ لنَفْسِـهِ*** ومَنْ يَكْسِبِ الحسنى فَنِعْمَ المكاسبُ
ومَنْ يَرْضَ غَيْرَ السِّـلْمِ دِينًا فإنَّهُ *** مشارقُ أرضٍ أسلمتْ ومغَـاربُ
ومَنْ سَبَّ جَدِّي خَير مَنْ وَطِئَ الحصى *** فَقَدْ بَاءَ بالإِثْمِ العظيمِ العَواقبُ
شَفاعَتُهُ أَرْجُـو وإِن كان والدي*** فيَوْمُ الجَزَاءِ ليْسَ تُجدِي المَنَاسِبُ