المخرج عمرو سلامة يكتب: حقائق مطلقة غير قابلة للنقاش
ما سأكتبه الآن هو حقائق مطلقة أؤمن بها كما أؤمن بأن الشمس تشرق من الشرق و تغرب في الغرب.
أسباب كثيرة، منها عيني و أذني و عقلي و حواسي الخمس مباشرة و جهاز إعجازي إسمه العقل البشري وجدته فوق عيني و تحت شعري لا يمنطق غيرهم، و نسبة الإستنتاج لا تتجاوز الواحد في الألف.
و من مصادر موثوق فيها، لا أشك في صدقها نفس الواحد في الألف.
الحقائق:
سبب الثورة المصرية بالترتيب الزمني هو قمع المصريين و المعارضة و الحركات الإسلامية و اليسارية منذ عام أربعة و خمسين، و تراكم الغضب و الكره تجاه القمع الفكري و قمع الحريات من أيام حكم جمال عبد الناصر.
السبب الثاني فتح نافذة للحريات بسيطة بسبب الضغوط العالمية على مصر، و ظهور حركات مثل كفاية و ستة إبريل و أنهم قاموا بحراك سياسي ملحوظ ضد التوريث و التمديد و الظلم الإجتماعي.
السبب الثالث هو وجود أصوات في الإعلام تكشف لنا فساد الدولة، و هذه الأصوات كانت الحكومة تحاول قمعها و إرهابها بطرق غير مباشرة.
السبب الرابع ظهور البرادعي في مصر، و تثقيف الشعب المصري بأبعاد المشكلة الحالية و لفت نظره أكثر لعيوب الدستور، و تثقيف المصريين بمعاني مثل الإعتصام المدني و كرة الثليج و الدولة المدنية.
السبب الخامس هو الأسلوب القمعي و الوحشي لجهاز الشرطة الذي تم تسريبه عبر الإنترنت و تسبب هذا في كره المواطن و الشباب بالذات للمؤسسة الأمنية كلها.
السبب السادس هو مقتل خالد سعيد بالطريقة الوحشية مما جعله رمز و تحذير من مستقبل مظلم لأي شخص في شعب مصر إذا إستمر الوضع على ما هو عليه.
السبب السابع هو تزوير الإنتخابات ليثبت ذلك للشعب أن ليس هناك أمل في أي حلول سلمية لتحقيق الديموقراطية في مصر.
السبب الثامن هو الثورة التونسية و أنها كانت عامل تحميسي للمصريين كلهم.
بدأت الثورة أو تحدد موعدها بشكل أدق بدعوة من صفحة (كلنا خالد سعيد) على الفيس بوك و الأدمن الحقيقي لها هو وائل غنيم و ساعده فيها شاب إسمه عبد الرحمن منصور، بالتنسيق مع العديد من الحركات الشبابية و السياسية و بالتنسيق مع المحافظات، و بمبادرات فردية لجمع الشعب مع الثورة و تثقيفه بأسباب الثورة.
لم تشارك جماعة الإخوان بشكل مباشر و رسمي، و إنما شارك بعض من شبابها في البداية بشكل فردي و بدأت الجماعة بالمشاركة الفعلية بعد بدء الأحداث.
لا يوجد دليل واحد حقيقي على وجود أيادي أجنبية و أجندات خارجية كما حاولت الحكومة أن تنشر لتخويف الشعب و أمريكا و العالم من الثورة، و إن ان هناك أي أدلة لكانت ظهرت لينقذون أرواحهم من قبل.
وائل غنيم مصري مسلم إهتمامه بالسياسة ليس إهتمام إحترافي، ليس ماسوني و لا عميل أمريكي أو صهيوني بالرغم من علاقاته بكل جنسيات العالم بسبب طبيعة عمله.
البرادعي مصري متزوج مصرية مسلم ليبرالي معتدل يؤمن بالدولة المدنية لم تثبت عمالته لأي دولة غير دولته مصر، عارض حرب العراق، خريج حقوق و كان مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إسماعيل فهمي، حائز على جاىزة نوبل للسلام و قلادة النيل و مشهود له بالتفوق الدراسي طوال عمره، منع من حق الرد على كل حملات تشويهه على كل أجهزة الإعلام المصرية و حملة دعم البرادعي كان لها دور بارز في التنظيم للثورة و التظاهرات.
قيادات الجيش العليا لم تنفذ أوامر كثيرة لإستعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين.
محمود وجدي وزير الداخلية السابق لم يلاقى ترحاب من ظباط الداخلية لخوفهم منه أن يقوم بمحاسبتهم و أن ينحاز للشعب ضدهم و لهذا حاول إسترضائهم على حساب الشعب في برنامج مصر النهاردة مما جعل الشعب كله ينتقده.
الأمن المركزي إستخدم العنف المفرط ضد المتظاهرين من يوم الخامس و العشرين إلى الثامن و العشرين، و لم يضرب الرصاص الحي في القاهرة و الجيزة ضد المتظاهرين في أماكن التظاهرات و لا يوجد أي أدلة لذلك إلى الآن، و لكنه إستخدم الرصاص المطاطي و الخرزي و القنابل المسيلة للدموع المنتهية الصلاحية و الضرب المفرط الذي يؤدي للقتل.
إستخدم الأمن الرصاص الحي بشكل عشوائي في القاهرة و الجيزة في أحداث ثمانية و عشرين بعيدا عن أماكن التظاهرات ضد محاولات إقتحام مراكز الشرطة من الأهالي و المجرمين.
محاولات إحراق الحزب الوطني و مراكز الشرطة لم تكن عملية منظمة كما كانت غضب من الشعب متراكم تجاه المؤسستين، و عندما لاحظوا الإنهيار الأمني كل منهم ذهب لأخذ ثأره، مع وجود بعض الأحداث الإجرامية الغير منظمة.
فتح السجون مازال علامة إستفهام إلى الآن.
إستخدم الأمن الرصاص الحي في المحافظات ضد المتظاهرين و من يصفوهم بالفوضويين على حد سواء.
كانت التعليمات للأمن التأكد من عدم وجود أي كاميرات في وقت إستخدامهم لأي عنف.
لم يأخذ معظم جهاز الشرطة أوامر إنسحاب مباشرة، و معظمهم إنسحب و هرب لبيوته بسبب إنقطاع الإتصالات بينه و بين قياداته و بسبب الغضب الشعبي المفرط تجاههم و بسبب أن كل من أفراد هذا الشعب له ثأر بائت مع الشرطة بشكل أو آخر.
معظم التليفونات التي أتت للتلفزيون المصري كانت مفبركة لإرعاب الناس و تخويفهم من الفوضى و ربط فكرة الإستقرار بالنظام و البعض الآخر تم التأكد من محتواه قبل خروجه على الهواء مع أخذ أرقام البطائق مع المجهولين.
أمن الدولة قاموا بتنفيذ مخططات كثيرة لتخويف الشعب من الفوضى بإستخدام بلطجية بشكل مباشر أو غير مباشر بتسريحهم على الشعب ليقومون بما تعودوا عليه.
التمسك بأحمد شفيق و الفترة المؤقتة من كل الجهات الأمنية كان سببه أنهم كانوا يريدون ربح بعض الوقت لإخفاء جرائمهم إحتسابا لقدوم أي حكومة تكشف فسادهم.
موقعة الجمل كانت خليط من تحريض أصحاب الجمال و الأحصنة و الرامين للطوب ضد المتظاهرين عن طريق بعض المعارضين للثورة و الموالين لمبارك و عن طريق التضليل الإعلامي.
موقعة الجمل أستخدم فيها رجال أمن و قناصة لقتل المتظاهرين بشكل منظم.
قام الأمن بتهديد الكثير من الشباب الناشطين بالقتل و التصفية الجسدية.
الرئيس مبارك تخلى عن الحكم لإنه علم أنه سيخسر في النهاية، و ستحدث مجزرة أمام قصرة سيتحمل مسؤوليتها المباشرة، و لإن الجيش و الأقلية من السياسيين المحيطين له رجحوا له التخلي عن الحكم عن حدوث تلك المجزرة، و أبدى الجيش أنه لن يكون مسؤولا عن هذه المجزرة.
معظم مستشارينه القدماء و إبنه هم من كانوا ضد فكرة التخلي و التنحي و تقديم التنازلات سريعا وسط الأحداث مع العلم أن كل قرار كان جاهزا قبل إعلانه ببعض الأيام.
الكثير من رجال الإعلام و رجال الإقتصاد كانوا يعانون من التهديد الدائم من الأجهزة الأمنية و إستخدام خصوصياتهم بعد التجسس عليهم و الضرائب و الحيل القانونية للضغط عليهم.
الرئيس لم يغشى عليه وسط خطابه الأخير، و كان ينوى التنحي يومها و لكنه تراجع بسبب المقربين له، و إلى الآن الإحتمال الأكبر أنه مازال يترجم ما حدث هو و القيادات العليا على إنه نتاج الحركات الإسلامية فقط، و لا يصدقون أن كل أطياف الشعب شاركت عن وعي، و يظنون أن الحركات الإسلامية هي التي جندتهم أو إستغلة غضبهم، و إلى الآن القيادات السابقة مقتنعة أن الإسلاميين وراء الثورة المصرية و لا يلومون فسادهم بأي شكل.
النية لإقالة شفيق و الإتيان بعصام شرف كانت موجودة عند المجلس العسكري قبل الحلقة الشهيرة بين الفريق شفيق و علاء الأسواني.
الفريق شفيق فعلا قدم إستقالته قبل الحلقة بعدة أيام و تم الإعلان عن قبولها رسميا بعدها.
مخطط التوريث كان تحت قيد الإعداد فعلا، و كان الخلاف الوحيد الموجود بين النظام السابق هو هل يحدث التوريث بعد وفاة الرئيس أم أن يمتنع الرئيس عن ترشيح نفسه مرة أخرى، و كانت النية لعدم ترشيح نفسه مرة أخرى في هذا العام مطروحة فعلا كما طرحت في ألفين و خمسة.
يوم الجمعة الثامن و العشرين أقسم حبيب العادلي للرئيس السابق أنه سيحتوي المشكلة، و توقع أن يكون حجم التظاهرات أقل بكثير من ما حدث، و قال للرئيس أنه مستقيل رسميا إن لم يحتوي التظاهرات "بطريقته الخاصة" و كان قرار إقالة الحكومة جاهز قبل صدوره بثمانية و أربعين ساعة.
في النهاية، أنا و الكثير مثلي أرهقنا الجدال فعلا، مع كل ما هو مقتنع بعكس ما كتبته، و أعتقد أنني سأحاول بأقصى جهدي البعد عن الدخول في مهاترات و محاولات مضنية بمنطقة الحقيقة الواضحة كالشمس، و سأستخدم كل طاقتي في المستقبل للبناء و العمل الخاص و العام.
لقد مررنا كشغب بجهاد مرير من التظاهرات و العنف و عدم الأمان و التفكير و الإكتئاب الذي عانى منه الجميع بما كان فينا تحت اللحاف طوال الفترة السابقة، و كان جهاد عظيما فعلا، و لكن الجهاد الأعظم الآن هو جهاد النفس