ليلة القدر ليلة شريفة معظمة أعلى الله تعالى قدرها وعظم شأنها فقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر:2]، وهذا فيه تفخيم لشأنها حتى كأنها خارجة عن دراية الخلق لا يدريها إلا الله تعالى، ولها علامات تعرف بها، لكن أصح ما جاء من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها ففي صحيح مسلم (762) من طريق عبدة عن ذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها". وهذه العلامة تكون بعد انقضائها، والحكمة، والله أعلم، ليجتهد الناس في طلبها وليفرح المجتهدون باجتهادهم وسعيهم.
وقد دلت السنة أن ليلة القدر قد تعلم بالرؤيا الصالحة ففي البخاري (2015) ومسلم (1165) من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أروا ليلة القدر في المنام أنها في السبع الأواخر، فقال صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أري متى ليلة القدر، ففي البخاري (2016) ومسلم (1167) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين"، قال أبو سعيد: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته.
أما ما يقال من الأنوار وسجود الأشجار وغير ذلك، فهذا قد يكون لبعض الناس لكن ليس علامات عامة قطعية. وعلى كل حال الذي أوصي به إخواني الاجتهاد في العشر الأواخر جميعاً فهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي لازمه حتى توفاه الله.
ونرجو من الله أن يدرك كل من قام ليالي العشر إيماناً واحتساباً فضل ليلة القدر، ظهر له شيء من علاماتها أو لا، والله أعلم.
6-9-1425هـ.