كان رشدي يحب تحية كاريوكا حبا كبيراً ، إلا أن حياتهما مع بعض أصبحت مستحيلة . لذا لم يجد إلا الإنخراط في العمل لنسيان هذا الحب ، هذا بالرغم من المحاولات الدؤوبة الغير ناجحة لعودة المياه الى مجاريها . ولأنه لا يستطيع أن يعيش بدون حب أو مغامرة ، فقد تعرف على الأمريكية الشقراء بربارا ، زوجة صديقه المطرب العالمي بوب عزام ، كانت تعمل مضيفة جوية . لكن رشدي أعجب بها ، فهي من النوع الذي يخلب لب الدون جوان الشاب . فلم يكن صعباً عليه من أن يخصفها من صديقه ، خصوصاً إن حياتها الزوجية كانت مليئة بالخلافات . هذا إضافة الى أن الزوج قد أدرك تلك العلاقة الجديدة ، فخيرها بينه وبين رشدي ، فإختارت بالطبع الفارس الجديد . وبالفعل ، تزوج رشدي بشقرائه الجديدة بربارا عام 1956. هذا الزواج الذي أثمر إبنتهما الوحيدة قسمت عام 1957.
كانت الزوجة بوبي ، كما كان يناديها دائماً ، غيورة جداً ، وكثيراً ما تنشأ بينهما المشاجرات بسبب تلك الغيرة . ثم أن رشدي ، بالرغم من أنه أصبح أباً ، لم يقلع عن مغامراته الغرامية . كانت بوبي تراقب علاقاته مع زميلاته أثناء العمل ، وتغضب لأنه تحدث الى إحداهن أو عانق أخرى أو قبلها قبلة طويلة بين مشاهد الفيلم . ولم يفعل رشدي شيئاً سوى أن يجعلها صديقة للزميلات . وكان من بين هؤلاء الزميلات إثنتان كانت تغار منهما كثيراً .. هما : سامية جمال ومريم فخر الدين . وحدث أن ضبطته مرة في شقة سامية جمال . ولم يستمر رشدي مع بوبي أربع سنوات ، إلا لوجود الصغيرة قسمت التي أطالت من عمر هذا الزواج . لذا كان الطلاق أخيراً هو الحل ، خصوصاً بعد إكتشاف رشدي بأن بوبي تعيش قصة حب جديدة مع الممثل جمال فارس (إبن عباس فارس).
والحب الجديد الذي بدأ يتسرب الى وجدان رشدي ، هو حبه لسامية جمال ، والذي بدى جلياً أثناء لقائهما في فيلم (الرجل الثاني) . وإزداد تعلق رشدي بسامية عندما سافرا معاً الى بيروت لحضور العرض الأول لهذا الفيلم . وأحس رشدي بأنه لا يستطيع بالفعل الإستغناء عن هذه المرأة ذات العواطف الشفافة ، فكان الزواج بينهما.
وكانت سامية مؤمنة بأن رشدي فنان كبير وناجح ، وبأنه يجب أن يبقى دائماً محل رعاية الزوجة وإهتمامها . لذا قررت سامية أن تعتزل الرقص والتمثيل ، وتتفرغ لرجل واحد في حياتها هو رشدي أباظة . وقد إستقبل رشدي هذا القرار بإمتنان ، وعرف بأن سامية صاحبة قلب كبير وشفاف ، خصوصاً بعد أن رحبت بفكرة أن تعيش الصغيرة قسمت بينهما ، بدل أن تكون موزعة بين الأم والجدة.
ومع سامية جمال ، كانت قصة أطول زواج في حياة الدون جوان المغامر ، فقد عاشا في شهور عسل مستمرة ، كان خلالها الدون جوان مثالاً للزوج المخلص الأمين ، ولم يعكر صفو سعادتهما سوى إدمان الزوج على الخمر والمخدرات الى درجة فقدان الوعي . ورغم هذا ، فقد كانت الزوجة الوفية تتحمل كل ذلك على أمل أن يثوب الى رشده ويقلع عن الإدمان.
ومضت سفينة الحياة الزوجية بين الدون جوان والراقصة الحسناء التي إعتزلت الفن من أجل سعادة زوجها ، مضت تسير في بحر هاديء ساكن حيناً وثائر عاصف في كثير من الأحيان ، حيث أن الدون جوان لم يلبث أن عاود مغامراته الغرامية ، أثناء إحدى رحلاته الى بيروت . إذ أنه أحب فتاة لبنانية وكاد أن يتورط بالزواج منها ، لولا حكمة الزوجة سامية التي لحقت به هناك وأحبطت هذا الزواج.
لكن الحنين كان قد عاوده الى حب الشقراوات ، وكانت الحبيبة هذه المرة هي المطربة صباح ، والتي أصبحت الزوجة الرابعة في حياته . فقد كان الإعجاب بينهما متبادلاً منذ لقائهما الأول في فيلم (الرجل الثاني) ، وها هو يتجدد ويتحول الى حب عندما تلاقيا في فيلم (إيدك عن مراتي) الذي كان يصور في لبنان . وبذلك أصبح الدون جوان زوجاً لإثنتين ، هما معشوقتاه في فيلم (الرجل الثاني) . وقد أمضى العروسان ثلاثة أيام عسل فقط ، إنتهت بالفراق ، لأن رشدي إضطر للعودة الى القاهرة للوقوف أمام الكاميرا في فيلم (حواء على الطريق) ، وصباح كانت مرتبطة بحفلات في المغرب . كان وقع خبر هذا الزواج كالصاعقة على زوجته سامية ، إلا أنها كانت متماسكة وفضلت الصمت الى أن إنتهى هذا الأمر بالطلاق بين رشدي وصباح . صحيح بأن الأمور قد عادت الى مجاريها بين الدون جوان وزوجته السمراء سامية جمال ، وصحيح بأن الدون جوان قد أقلع عن مغامراته العاطفية ، وإستمراره على إدمان الخمر والمخدرات ، إلا أن نار الحب بين الزوجين قد إنطفأت بعد تلك المغامرة . حيث إعتقدت سامية ، التي ضحت بفنها ومجدها في سبيل حبها ، بأن رشدي غير جدير بتلك التضحية . وكان من حقها أن تطالب ولأول مرة بالطلاق ، وتخرج من عزلتها الى حياة الأضواء ، فرفض رشدي تلبية الطلبين ، إلا أنها تمسكت بالمطلب الثاني مادام مصراً على عدم الطلاق . لتعود عام 1972 لمزاولة نشاطها الفني بالتمثيل أمامه في فيلمين ، هما الشيطان والخريف ـ ساعة الصفر . بعد ذلك كثرت الخلافات والمشاجرات بين الزوجين ، مما أدى ذلك الى الطلاق عام 1977 ، بعد زواج دام سبعة عشر عاماً ، وكان أطول زواج في الوسط الفني.
وعاد الدون جوان المغامر ، بعد أن أصبح في الثانية والخمسين ، الى مغامراته الغرامية ، وإقترن إسمه بأسماء الكثيرات من شقراوات وسمراوات الشاشة ، كان من بينهن الوجه السينمائي يسرا بنت الخامسة والعشرين.
بدأت السبعينات ، ورشدي يقف فوق أرضية فنية صلبة قوامها موهبة حقيقية وخبرة عملية طويلة وعدد وفير من الأفلام الناجحة . في السبعينات إكتملت عناصر الضج الفني عند رشدي أباظة ، فبدأ مرحلة الأداء الهاديء المتزن ، والتمثيل المقنع البعيد عن الإفتعال ، والقدرة على تجسيد أحاسيس الشخصيات ، إضافة الى الفهم الكامل لحرفية السينما . مما جعله يتخطى مرحلة الإهتمام بالكم ليبدأ مرحلة الإهتمام بالكيف . فجاءت أفلامه كلها في هذه المرحلة رفيعة المستوى ، وكمثال الحب الضائع ـ شيء في صدري ـ أين عقلي ـ أريد حلاً ـ وراء الشمس ـ القاضي والجلاد . أما آخر أدواره في السينما ، فكان فيلم ( الأقوياء ) إخراج أشرف فهمي.
بعد هذا الفيلم ، إستسلم رشدي أباظة للمرض ، حيث إتضح بأنه مصاب بالسرطان ، وعبثاً كانت محاولات الأطباء في لندن والقاهرة من إستئصال هذا الورم الخبيث . الى أن قضى عليه وتوفي في السابع والعشرين من يوليو عام 1980.