مسلسل القيصر هو مسلسل رمضاني آخر ويوسف الشريف مرة أخرى، لكني وجدت أن المسلسل يستحق أن يتم تناوله في مقال، فالمُسلسل مليء بالتفاصيل ألتي تستحق الإشادة والإهتمام ومليء بأخرى تستحق أن يتم إنتقادها ومناقشتها. المُسلسل ذو الطابع البوليسي التشويقي أخرجه المُبدع أحمد نادر جلال وكتبُه محمد ناير ويتناول المُسلسل قصة رجل لديه مهارات وقدرات خاصة (يوسف الشريف) يرتكب جُرمًا كبيرًا مع من كان يعمل معهم ثم يبدأ في الهروب منهم، وتبدأ أحداث المُسلسل.

مسلسل القيصر من المسلسلات المميزة جدًا، غالبًا ما تكون المسلسلات التي يقوم يوسف الشريف ببطولتها مُميزة منذ بدأ في هجرته من السينما إلى التليفزيون منذ خمسة أعوام تقريباً، ما يُميز عمل مثل القيصر هو سُمعة بطله يوسف الشريف أولاً و التنفيذ المُمتاز ثانياً، وهذا ما سنتناوله في النقاط التالية:

الإخراج

إخراج المُسلسل هنا يُنسب للمُخرج أحمد نادر جلال وهو أمر يلاحظه أي متابع للمسلسلات المصرية أن أسمه مُقترن بإسم يوسف الشريف كثيرًا، وهذا لأن كليهما تعاونا لمرات عديدة، حيث أخرج جلال مسلسلات رقم مجهول، إسم مؤقت و لعبة إبليس وهي نصف الأعمال التليفزيونية التي مثل فيها يوسف الشريف. مسلسل القيصر من الناحية الإخراجية كان برّاقًا لحد كبير، فمُخرج مثل أحمد جلال لا نرى له أعمال سيئة عادةً، الإخراج كان إحترافي وكانت كُل العوامل مُتناسقة مع بعضها البعض مما رسم لوحة جميلة، لكن ما من شيء كامل، فقد حوى المُسلسل ككُل على بعض العيوب، لعل أبرزها هي الموسيقى التي تبدأ في العمل بسبب وبدون سبب، خاصة أن مُعظم موسيقى المُسلسل من نوع موسيقى الإثارة والتشويق، إلا أن الإخراج ككُل كان رائعًا.

النص

تُنسب القصة كفكرة إلى يوسف الشريف، إلى أن كتابة السيناريو كانت مُهمة محمد ناير والذي عمل مع يوسف الشريف على مسلسل المواطن إكس الذي كان بمثابة بداية يوسف في الدراما التليفزيونية، ناير أيضًا كتب مجموعة من الأفلام أبرزها على الإطلاق فيلمي أعز أصحاب و الوتَر وكتب مُسلسل فيرتيجو والذي اُقتُبَس عن رواية أحمد مُراد التي تحمل نفس الإسم.

الثغرة الأكبر على الإطلاق في هذا المُسلسل تكمُن في النص، الفكرة رائعة وجديدة، السيناريو والحوار لا بأس بهم على الإطلاق، المُشكلة الأكبر كانت في الحشو الزائد، العمَل كمُسلسل كان يُمكن إتمامه بالكامل في عشر حلقات، كان الأمر واضحًا أن الفكرة أصغر من أن تُنفذ كمُسلسل، إجمالاً طول الحلقة هو 17-20 دقيقة، وتذاع على التلفاز في حوالي الساعة أو الساعة والرُبع! لكن لنتغاضى عن كل هذا ونتحدث عن القصة نفسها -دون الحشو والمماطلة- سنجد أن القصة جيدة، فالمُسلسل يحكي قصة شاب تم تدريبه بطريقة قاسية تحت إدارة جماعة ما، ويبدأ في العمل بالمهارات التي تكونت إبان تدريبه عند تلك الجماعة، إلى أنه يخالف أوامرهم في مرة ثم يهرُب ليُعتقل في “رفح” في مِصر، وتبدأ الأحداث، وتعليقًا على الأحداث قالمُسلسل تقريبًا حتى نصفه لم يكُن به أحداث! فقط بعض الرجال يرتدون بذّات غالية، يشعلون سجائر -مُعظم الممثلون يدخنون نفس نوع السجائر- وينظرون لبعضهم البعض بنظرات ثاقبة وبعدها تنتهي الحلقة، ولكن كما قُلت أعلاه، إن تخلينا عن كل هذا الحشو وكل هذه المُماطلة سنُشاهد مُسلسل جيد أو على الأقل أفضل من عديد من الخيارات الأخرى.

الأحداث أيضًا لم تكن منطقية إلى حد ما، أعلم أن الأحداث لا يجب أن تكون قابلة للتصديق دائمًا خاصة في مسلسل بوليسي تشويفي، إلا أني شعرت أن يوسف الشريف يُشبه “أدهم صبري” في مجموعة روايات “رجل المُستحيل” لنبيل فاوق، الموضوع مبالغ فيه لحدٍ كبير، لكن لا بأس، هناك من يرى المُسلسل تحفة فَنية لا عيب واحد فيها، وهناك من مَلّ من المُسلسل منذ أسبوعه الأول، كل هذه مجرد أراء وليست مُسلمات.

الأداء التمثيلي

• يوسف الشريف

يوسف الشريف مُمثِّل حقيقي، رغم أن وجوده الحقيقي على الساحة إستمر فقط لما يقرُب من عشر سنوات، العديد من الممثلين الآخرين يحتاجون ضعف هذه الفترة حتى يصلوا من مكانة الإضافة، أن يضيف ظهوره في العمل للعمل وليس العَكس، بعد نجاح سنوي لفترة خمس سنوات على الشاشة الصغيرة نقدر أن نقول أنه موهوب، فأداء يوسف الشريف قوي إلى حدٍ بعيد، نبرة صوته، طريقة كلامه وتحركاته يُمكنك الشعور أنها مدروسة إلى حد كبير، يوسف أيضًا يختار مُسلسلاته بعناية، رغم أني أشعر أن يوسف يهاب السينما، فمُنذ خرج فيلم “العالمي” للنور في العام 2009 لم نُشاهد يوسف على الشاشة الفضية، كإعتقاد شخصي، أعتقد أن يوسف فقط يضيف إلى وزنه بمُسلسلاته الناجحة، وعودته للسينما ستكون قوية.

• أحمد سعيد عبدالغني

اإزداد أحمد سعيد عبدالغني موهبة وهذا ما ظهَر جليًا في مسلسل القيصر ، عبدالغني برَع في تجسيد دور رجل الشرطة -والذي جسده من قبل في فيلم خارج على القانون -بقدر براعته في الدراما الصعيدية-. دور عبدالغني في مسلسل القيصر ليس ضخمًا، مشاهده ليست كثيرة لكن رغم هذا فمشاهده مُميزة فتجد نفسك فجأة تتساءَل: “كيف أدّي هذا الدور بهذه البراعة”؟ هل يُمكن لعبدالغني أن يصل لمرتبة طارق لطفي و يوسف الشريف يومًا ما؟ يبدو أن الأمر مُمكن.

• خالد زكي

خالد زكي -أو ذكي- مُمثل قدير المرة له من الوسامة والهيبة ما يؤهل لعديد من الأدوار، وهذا سبب كونه رئيسًا في العام 2008 في فيلم طبّاخ الريّس لكن مذّاك الحين وحتى الآن لم نُشاهد خالد زكي واضحًا إلا بعدها بست أعوام في مسلسل صاحب السعادة. وفي مسلسل القيصر يلعب خالد زكي دورًا حساسًا، فهو دور مؤثر بشكل كبير على أحداث العمَل ولوحظ أداء خالد زكي الرائع، مع أنّي وجدته -وبشكل شخصي تماماً- مُبالغ في أدائه على صُعُد مثل تعبيرات الوجه وطريقة إخراج الكلمات، بدا مُضحك لوهلة لكن هذا لا يُقلل على الإطلاق من أدائه المُميَّز.

• أشرف زكي

نقيب المِهن التمثيلية في مصر، منصب مثل هذا لا يضمن القدرات التمثيلية وحجمها، أشرف زكي -أو ذكي- ممثل عادي، عادي إلى أبعد حد وهكذا أدائه وقدراته التمثيلية بالطبع، يلعب خالد زكي دور أحد رجال الشرطة، مشاهده قليله وشبه مؤثرة لكن لا بأس بأدائه، فأحيانًا تحتاج الأدوار لمُجرد أداء عادي من ممثل عادي لا أكثر، أشرف زكي مُخرج مسرحي كبير فقد بدأ حياته الفنية على خشبة المسرَح وأذكُر له أداءًا لافتًا للنظر في فيلم “الوتر” والذي خرخ للنور في العام 2010.

• ريهام عبد الغفور

أين صبا مُبارك، منة شلبي أو حتى هنا الزاهد في دور كهذا، وبالطبع أمزح بخصوص هنا الزاهد، ريهام عبدالغفور من الوجوه المحفوظة لدى المُشاهد المصري، صراحةً هي مُجتهدة، لكن أدائها، في مجال السينما أو أي مجال يعتمد على المرئيّات هو مجرد أداء عادي، الدور نفسه غير مؤثر على الأحداث، لكن لا أعلم لماذا كُنت أشعر أن ريهام تُمثّل وكأنها تحيك قطعة ملابس، تفعل أمرًا روتينيًا إلى حدٍ كبير.

أداء المُمثلون إجمالًا ليس سيئًا، خاصة من وجوه مثل “طارق النهري”، “ياسر علي ماهر”،”سناء شافع” و الممثل الشاب الصاعد بقوة “محمود حجازي”.

الموسيقى التصويرية

موسيقى المُسلسل عظيمة، رُبما تكون الموسيقى من أفضل العوامل المُميزة في مسلسل القيصر ، بالطبع يُمكننا التحفّظ على سوء إستخدام الموسيقى ووضعه في خلفية أي مشهد حتى مشهد الطَبخ! لكن مقطوعات المُسلسل الموسيقيَة قوية جدًا، موسيقى الفيلم المخيفة وهي من تأليف المُلحّن “عمرو إسماعيل”، وعمرو هو مثال للشخص الموهوب في مجال ما، فقبل كل هذا خرجت موسيقى عديد من الأفلام والأعمال الفنية بشكل عام من ستوديو طارق، فهو من أعد موسيقى أفلام “الحفلة، أبو علي و واحد من الناس” والغالب على معظمها الكآبة، إلا أن خريج قسم التاريخ وضع بصمة تاريخية ما على موسيقى القيصر … أو هذا ما شعرت به على الأقل، الموسيقى قوية، وتستحق الإستماع حتى ولو كنت لا تهتم بالمُسلسل حتى، يُذكر أن أعمال المُلحن وصانع الموسيقى عمرو إسماعيل كثيرة جدًا، ومعظمها يستحق الإستماع، لكن الرابط هنا أن عمرو هو من أعدّ موسيقى مسلسل يوسف الشريف لعبة إبليس والذي عُرض العام الفائت.

قام عمرو إسماعيل بنشر موسيقى المُسلسل بالكامل مؤخرًا، إسمعها عبر هذا الرابط.

الإلهام

العمَل الفني الحقيقي هو الذي يُدخلك في حالة ما، يُسيطر على كل حواسك ويغمُرك، ربما تواجدت قوى مثل هذه لدى مسلسل القيصر ،لكن الأهم من هذه الحالة هو الإلهام، الأفكار التي قدّمها المُسلسل والتي تحوي بعض العلم والعُمق والذين لا نراهُم كل يوم على الشاشة في وطننا العربي، في الحلقات العاشرة والخامسة والعشرون قدّم المُسلسل بعض الأفكار العميقة والتي نوقشت داخل إيطار المُسلسل، إلا أنها تفتح اُفُق عديدة في التفكير، لعل أهم هذه الفكرة هي الوحدة، الوحدة التي تعرّض لها بطل المُسلسل (شخصية القيصر ) والتدريب القاسي وهي أمور تذكرني بجماعة “الحشّاشين”، أنا واثق أن هُناك أمور مثل هذه في العالَم، وأنا واثق من فعالية أن تكون وحدك، وحيد تماماً إلا من صوت عقلك، المُسلسل يستحق المُشاهدة والإحترام، المجهود المبذول فيه كبير جدًا، وكم أتمنى لو كانت مدة الحلقات أطول بعض الشيء، وأن يحذفوا كل مشاهد “سناء شافع”!

الشكر لك
ولو أني لا أرى المسلسل بتلك الجودة أعتقد أنه كان ممل في كثير من الأماكن والعيب الأكبر ل من منضوري أننا كنا نشاهد اعلانات مش مسلسل طبعا هذا الكلام لا ينطبق على من شاهده على يوتيوب
أعلم ان الاعلانات مسألة القناة لكن الحلقة في حد ذاتها كانت قصيرة لالغاية يعني بدون جنريك تصل الى 17دقيقة
على العموم أنا كنت من من تابعو العمل ورغم انزعاجي لم استطع التوقف عن المتابعة وأكملته
رغم كل شيء يبدولي يستحق المتابعة تقييم 6من10