اثار قيام النائب عن حزب الأصالة السلفي ممدوح إسماعيل، برفع الأذان
خلال انعقاد جلسة البرلمان المصري جدلا واسعا بين علماء الأزهر، الذين اعتبر بعضهم ذلك غير مقبول، وقد يكون به شبهة رياء، ولا سيما أن هناك مسجدا في البرلمان، فمن يريد أن يؤذن، فليذهب ويؤذن في المسجد، بينما اعتبر آخرون أن ذلك مطلوب، باعتبار أن الأذان هو شعار الإسلام، ويبنغي التأكيد عليه في كل مكان، فيما رأى آخرون أنه ليس من الواجب رفع الأذان في مجلس الشعب، ولكن إن حدث فمرحبا، وإن لم يؤدَ، فلا كراهة، ولا تحتاج المسألة لإثارة خلاف بين الأعضاء بسبب هذا.
يأتي هذا، فيما قال النائب ممدوح إسماعيل لـ"إسلام أون لاين": أن قيامه برفع الأذان في جلسة البرلمان، جاء بعد أن "طالب - أكثر من مرة - بوضع نظام لرفع الأذان قبل كل صلاة أثناء انعقاد المجلس، وتنظيم أوقات الصلاة، ولكن لم يتم النظر في ذلك".
وتابع: "لقد رأيت أنه لا يوجد في الشرع ما يمنعني من رفع الأذان أثناء الجلسات البرلمانية، كما أن اللوائح القانونية ليس فيها ما يمنع من رفع الأذان في مجلس الشعب".
وكان إسماعيل قد فاجأ أعضاء المجلس بالأذان لصلاة العصر خلال الجلسة العامة للمجلس الثلاثاء 7-2-2012، وواصل الأذان رغم قول رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني وهو من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين له "لم آذن لك بذلك".
وقال الكتاتني في الجلسة التي كانت مذاعة تلفزيونيا على الهواء "ليس هذا مسجدا لتؤذن فيه للصلاة. لا تزايد لست أكثر منا إسلاما. لست أكثر منا حرصا على الصلاة".
الصلاة في وقتها
ومن جانبه، رفض إسماعيل القول بأن قيامه برفع الأذان أثناء الجلسة البرلمانية مزايدة على الآخرين، وقال لـ"إسلام أون لاين" :" لست ممن يعرفون بالمزايدة، بل إن وصفي بذلك لقيامي بالأذان، يعد مزايدة سياسية".
وحول رفض الشيخ سيد عسكر، رئيس اللجنة الدينية لموقف إقامة الأذان في المجلس، أوضح النائب السلفي: "لا توجد قدسية لأحد، والمسائل في الفقه تتعدد فيها الآراء والاجتهادات، ورفع الأذان في مجلس الشعب هو اجتهاد، وأنا دارس للشريعة، وإذا كان الشيخ سيد عسكر، قد قال إن لنائب البرلمان الجمع بين صلاتي الظهر والعصر لانشغاله بجلسة البرلمان، فالرد عليه أن الأدلة والنصوص أكدت أن الصلاة في وقتها أمر مطلوب، والجمع يكون لعلة وهو استثناء، وإلا جاز لكل الناس في عملهم أن يجمعوا بين الصلاة والأخرى".
وفيما يتعلق بأن الأذان سنّة وليس فريضة حتى يتم تعطيل النظر في مصالح البلاد والعباد من أجلها في مجلس الشعب، قال د. ممدوح إسماعيل: "إن الأذان سنّة مؤكدة، ويعرف البلد المسلم به، كما أن العلماء أجمعوا على أهميته"، مشيرا إلى أن هناك نوابا كثيرين يعطلون الجلسة بمشادات وأصوات عالية لساعات، بينما الأذان لا يستغرق نصف دقيقة.
وعن كون ذلك قد يفتح الباب للنواب الأقباط للمطالبة برفع شعائرهم في مجلس الشعب، قال إسماعيل:" إن الأذان شعيرة لبلد مسلم، ومصر إسلامية ينص دستورها على أن الإسلام هو دين البلد، وقاعات مجلس الشعب لا تخرج عن تبعيتها للإسلام".
بيومي يرفض
وحول تعليق علماء الأزهر على رفع الأذان خلال انعقاد جلسات مجلس الشعب داخل القاعة، يقول د. عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية لـ" إسلام أون لاين": "إن ما حدث، تبدو فيه المزايدة بالفعل، لأن من يريد أن يؤذن إنما يؤذن في مسجد مجلس الشعب، خاصة أن فيه مسجدا يؤذن وتقام الصلاة فيه".
وبين أن تعطيل سير العمل البرلماني ومصالح الناس التي يعمل مجلس الشعب من أجلها، كي يتم رفع الأذان يبدو فيه التشدد، وتضييق ما وسع الله عز وجل، مشيرا إلى أن الناس يعلمون وقت الصلاة، فلا حاجة لإعلان الأذان في قاعة البرلمان، وعلى من يريد الصلاة فليذهب للصلاة، أما إعلان الأذان في جلسة البرلمان، فيه شبهة رياء، وعلى المسلم أن يتجنب مواضع الرياء والشهرة.
على الجانب الآخر يؤيد د. محمد مختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية لتعاون العاملين في الكتاب والسنّة، وعضو مجمع البحوث الإسلامية رفع الأذان في أي مكان، إلا أنه في واقعة النائب ممدوح إسماعيل يرى أنه لم تكن هناك حاجة لقيامه برفع الأذان، حيث كان عقب وقت الأذان بعشرين دقيقة، كما أن هناك مسجدا يعلن الأذان للصلاة قبلها.
ويؤكد لـ" إسلام أون لاين ":" أن رفع الأذان عند الموعد هو شعار من شعارات الإسلام في أي مكان، وعلى الناس أن يتوقفوا عن العمل أثناء الأذان ليرددوه، وبعد الأذان لهم أن يكملوا عملهم، وإن كان لأحدهم انشغال بعمل ما، فالوقت متاح من الصلاة إلى الصلاة".
وشدد على أن رفع الأذان ليس فيه حرج شرعي، ولكن المشكلة هي إجبار الناس على القيام للصلاة في حينها، وعليه، فإن رفع الأذان مطلوب من دون إجبار أحد على القيام لأداء الصلاة.
طبيعة المكان والضرورة
بدوره يأخذ الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق موقفا وسطا، ويعتبر أن الأذان مسموح به في أي مكان، ولكن تؤخذ في الاعتبار طبيعة المكان والضرورة التي يحتمها مكان مثل مجلس الشعب.
وأوضح لـ" إسلام أون لاين": إن ما حدث في واقعة رفع الأذان في قاعة انعقاد مجلس الشعب قد يشوبه نوع من التشدد، وقد قال صلى الله عليه وسلم " الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه "، مؤكدا أنه كان بالأحرى الطلب بأن ترفع الجلسة لأداء الصلاة، لأن المكان لا يصلح للصلاة وبالتالي لا يصلح لرفع الأذان .
وبين أنه من الواضح أن قاعة مجلس الشعب مملوءة بالمقاعد، بمعنى أنها لا تصلح لإقامة الصلاة، وكان الأجدى لمن رفع الأذان أن يذهب إلى مسجد المجلس ويرفع الأذان، ويلبي النداء من يلبي، ويحجم من يحجم.
واستطرد قائلا:" ما نخافه ونخشاه أن يكون هذا العمل ـ رفع الأذان أثناء الجلسة البرلمانية ـ رياء وسمعة، فلقد رأى عمر بن الخطاب رجلا يصلي في المسجد ويطأطئ رقبته، فقال له يا صاحب الرقبة المطأطئة، ارفع رقبتك، فإن الخشوع ليس في طأطأة الرقاب، وإنما الخشوع في القلب".
وشدد الشيخ الأطرش على أن من رحمة الله تعالى أن جعل لكل صلاة من الصلوات الخمس وقتا اختياريا ووقتا ضروريا، فالوقت الاختياري هو الذي يكون من أول وجوب الوقت، أما الوقت الضروري فهو الذي يكون قبل الوقت الآخر بما يسع أربع ركعات.
واختتم قائلا :" إن المسجد هو المكان الذي يرفع فيه الأذان، ولا مانع من أن يرفع الأذان في أي مكان، سواء أكان في المجلس أو في البيت أو في الصحراء، لكن إذا كان هناك عمل وضرورة، فلا مانع من تأخير الصلاة من وقتها الاختياري إلى وقتها الضروري".
من جهته، قال د. محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية إن المطلوب شرعا هو أن تؤدى شعيرة الأذان في جميع البلاد الإسلامية، وفي المساجد المخصصة لصلوات الجماعة، فإن تم أداء تلك الشعيرة في أماكن أخرى، فبها ونعمت، وإن لم تؤدَ فلا شيء في هذا.
وأكد أنه ليس من الواجب في مجلس الشعب رفع الأذان فإن أدي فمرحبا، وإن لم يؤدَ، فلا كراهة ولا تحتاج المسألة إلى إثارة خلاف بين الأعضاء بسبب هذا.
وأشار د. عثمان إلى أن أعضاء مجلس الشعب كان من الواجب عليهم، وخاصة أن الجلسة تبدأ الساعة الواحدة أن يؤدون صلاة الظهر قبل حضور الجلسة، وإن طالت الجلسة فيمكن أن يطلب أي واحد منهم، ليؤدي الأعضاء صلاة العصر، أما أداء الأذان بهذه الصورة فيمكن أن يعترض عليه غير المسلمين ويحرجهم.
ويضيف أنه ليس من الواجب أداء الأذان في قاعة مجلس الشعب، وإن كان أمرا مباحا لا شيء فيه، إلا أن ظروف الجلسة غير مطابقة لهذا الأذان المباح، ومن ثم ليس من المطلوب شرعا التمسك بأداء الأذان في المجلس، خاصة أن الأذان سنّة باعتباره شعيرة إسلامية، والمجلس قد يكون مشغولا بأمور تحتاج لاستمرار في البحث والمناقشة، ما دامت لا تخرجهم عن ميعاد الصلاة .